أنا ومن أنا
أنا التي بنت
على رمس ذكورتك مقبرة
أنا من دفعك
نحو هاوية الرجولة المتهورة
أنا من علمتك الحب
ورسائل الرغبة المشفرة
أنا وأنا وأنا...
فأنا يا سيدي
من تاهت رائحة شغفك فيها
والجنون…
وأنا من أسكنتك قلاع المرجان
وسط العيون...
أنا هي...
تلك المساحة بين الحقيقة
والأفيون...
حتى وإن كنت لك ليلى
فلن تكون لي قيس المجنون...
شعر: وفاء الزايدي (تونس)
.....................................................
قراءة للقصيدة
في قصيدتها "أنا ومن أنا"، تقدم الشاعرة وفاء الزايدي نصًا شعريًا غنيًا بالرمزية والتعبير العميق عن الذات والعلاقات الإنسانية. تتجلى في القصيدة مشاعر الشاعرة وصوتها الأنثوي القوي الذي يعيد تعريف ذاته وموقعه في علاقة مع الآخر.
العنوان:
يأتي العنوان "أنا ومن أنا" ليعكس ثنائية الذات والبحث عن الهوية. فهو سؤال وجودي يلخص التوتر الداخلي للشاعرة بين ما هي عليه وما تتمنى أن تكون.
المضمون:
- الذات والآخر:
تستهل الشاعرة قصيدتها بتعريف ذاتها من خلال الآخر، الرجل، الذي يبدو أنه محور أساسي في النص. تبدأ بالإشارة إلى أنها بنت "على رمس ذكورتك مقبرة"، مما يعكس قدرة الذات الأنثوية على تحدي النظام البطريركي وإعادة تعريفه. - التمرد والتعليم:
تشير الشاعرة إلى دورها في دفع الرجل نحو "هاوية الرجولة المتهورة"، وفي الوقت نفسه، تعليمه الحب و"رسائل الرغبة المشفرة". هنا، تظهر القوة التعليمية والتغييرية للشاعرة، حيث تصبح هي المعلمة والملهمة. - الهوية المتعددة:
يتكرر في النص استخدام "أنا وأنا وأنا..."، مما يعبر عن هوية متعددة الأبعاد ومعقدة. هذا التكرار يعزز فكرة أن الشاعرة ليست مجرد كيان واحد بسيط، بل هي مجموعة من التجارب والمشاعر. - الجنون والشغف:
تصف الشاعرة نفسها بأنها مصدر الجنون والشغف للرجل، وتبرز هنا العلاقة العاطفية القوية بينهما. هذه العلاقة تتأرجح بين الحب والعذاب، بين الحقيقة والخيال. - المرجان والأفيون:
تستخدم الشاعرة الرموز بشكل مبدع، مثل "قلاع المرجان" و"المساحة بين الحقيقة والأفيون"، لتعبر عن جمال وغموض العلاقة. - استقلالية الذات:
في النهاية، تؤكد الشاعرة استقلاليتها ورفضها لأن تكون مجرد نسخة من القصص القديمة، حتى وإن كانت ليلى، فإنها ترفض أن يكون الرجل "قيس المجنون".
الأسلوب:
- اللغة:
اللغة المستخدمة قوية وعاطفية، مليئة بالرموز والدلالات. كل كلمة مختارة بعناية لتعبر عن المشاعر العميقة والمعقدة. - التكرار:
تكرر الشاعرة "أنا" بشكل مكثف لتعزيز حضورها وقوة صوتها في النص. - الرمزية:
استخدام الرموز مثل "قلاع المرجان" و"الأفيون" يضفي على النص عمقًا وتأويلاً متعددًا.
الخاتمة:
قصيدة "أنا ومن أنا" هي إعلان قوي عن الذات الأنثوية المستقلة والقوية، التي تعرف دورها وتعيد تعريف العلاقات العاطفية بطرق جديدة ومبتكرة. إنها نص يعبر عن تمرد وحرية، ويؤكد على قوة المرأة وقدرتها على التأثير والتغيير.