📁 تدوينات جديدة

ثقافتنا الجديدة… بلا وصايا | حسن امحيل

ثقافتنا الجديدة… بلا وصايا | حسن امحيل

حسن امحيل | المغرب

لم يكن المشهد الثقافي يوما صامتا كما بدا لنا خلال السنوات الماضية. كان فقط يغيّر جلده بصمت، ينتقل من الورق إلى الضوء، ومن قاعات اللقاء إلى شاشات صغيرة نحملها في جيوبنا. وفي خضمّ هذا التحوّل، تولد أسئلة جديدة لا تشبه تلك التي اعتدنا طرحها:

هل ما زال الإنسان قادرا على حماية صوته في حقبة تتكاثر فيه الأصوات الاصطناعية؟ وهل ما زال للإبداع ذلك الوهج حين يصبح كل شيء قابلا للنسخ الفوري؟

نكتب هذه الافتتاحية بينما يشهد العالم حراكا ثقافيا غير معلن، لكنه محسوس: عودة إلى القراءة بعد سنوات من الإرهاق الرقمي، انتعاش المواهب الشابة في القصة والشعر، جرأة أكبر في مساءلة الواقع السياسي والاجتماعي، ووعي متنام بأن الثقافة ليست ملحقا للحياة، بل طريقتها الوحيدة لفهم ذاتها. واليوم، تتجاور مبادرات واعدة: صالونات أدبية تعود، مهرجانات تبحث عن هوية جديدة، ومنصات رقمية تولد كل شهر لتعيد ترتيب المشهد من جديد.

ليس هَمّ أصداء الفكر أن تعلّق على هذه الظواهر بوصفها أخبارا، بل أن تصغي إلى ما خلفها: إلى خوف المبدع من أن يستبدل بصوت آلي، وإلى رغبة القراء في اكتشاف نصوص تشبههم ولا تحاضر عليهم، وإلى حاجة المجتمع لنقاش جاد حول القيم والمعرفة وذاكرة المكان.

نفتتح هذا العدد بقناعة بسيطة: أن الثقافة لا تعيش بالخطابة بل بالصدق. وأن كل لحظة اضطراب هي أيضا فرصة لابتكار معنى جديد. لذلك نمد أيدينا لقرائنا، لا لنقدّم يقينا جاهزا، وإنما لنشاركهم رحلة الأسئلة التي تفتح الطريق نحو فن أعمق، وفكرٍ أوسع، وإنسانٍ أكثر حضورا في زمانه.

مرحبا بكم في عدد* يحمل نبض هذه اللحظة… لا صداها فقط.

* افتتاحية الإصدار 38 من سلسلة أصداء الفكر.

تعليقات