آمنة محمد ناصر | لبنان
إبحار الدّمع
وكأنّك أدمنت أدمعي،
وعاهدتَ نفسك
ألاّ تكون معي.
تلحّفتَ أشرعةَ المسافات
لتبحر فيها
بعيداً عن أذرعي.
ظننتَ أنّ عمرنا ينتظر،
ونسيتَ أنّه كرّار،
وأنّ السنين تفرّ دونما وعي.
رُفع رويداً الشّراع
ليعلن أنّه قد حان الوداع.
نظرتَ إليّ دقيقةَ صمت،
غابت ملامحك ولم يبقَ
سوى صدى دمعك في مسامعي.
جزّأ المجداف صورتك
على صفحة الماء،
وأحطتُها أنا بدوائر من بكاء،
وأصبح رذاذ دمعي نورساً
ليحرسك من غيم السّماء.
لماذا أخشى عليك؟ لا تسألني،
فللعشق ما من ذرائع.
أبحر المركب إلى بلادك،
وحملتَ في رحلتك كلّ زادك،
لكنّك تركتَ ما كان لك
في يساري وبين أضلعي،
في يساري وبين أضلعي.
سأكون هناك
سأكون هناك،
انتظرني
على مفرق تلك الشمس التي
تتأبّط مظلّة
ووردةً حمراء.
ورمشُها يمتدّ على حدود الشمس.
سأنتظرك هناك،
وكأنّنا في أوّل لقاء،
وعطرك سيسبقك ويخطف انتباهي...
سأكون هناك
على عتبة أجراس الكنائس
التي تدعوك إلى المحراب،
وتدعوني للصلاة
من أجل عينيك
باسم العشق الإلهي...
سأكون هناك
على أدراج السحاب والغمام
لأستقبل تنهيدات البحر
التي تتصاعد كالبوح،
كدخان المدافئ في الشتاء،
وفناجين القهوة الساخنة،
والسّجائر في المقاهي...
سأنتظرك هناك،
وأسافر معك وإليك.
سأراك أمامي
محدّقاً بي،
تخرق ذاتي وكأنّها
تصغي إلى حروف أربعة:
أ-ح-ب-ك
دونما أن تنطقها شفاهي...
سأكون هناك
بين قناطر القمر،
أرتشف كأساً من السهر،
وأقلّب صفحات النجوم في صور،
وأنت تنتظرني
على شرفتك لتروي لي الخبر،
لتقول لي:
«أهواك طوعاً بدون إكراه».
وجبة عشاء
وفي طريقك إلى الحب،
امسح جبين الشمس المتصبّب عرقاً
بعد تعب النهار...
ستلقاها، بدون شك،
تغسل قدميها في ماء البحر،
وقد ارتدت قميصها الشّفاف الأحمر،
وتبرّجت بأحمر الشّفاه الأصلي
من إيف سان لوران،
وتعطّرت بالعطر الفرنسي.
في طريقك إلى الحب،
أصغِ إلى مناغاة القمر في هدأة المساء،
وافترش بساط الغيم الأبيض
حيث يستريح النقاء.
توقّف هناك
لنتناول معاً العشاء،
وجبةَ عشاءٍ خفيفة جداً،
لكنّها أشهى أكثر:
هي غمرةُ ضوء،
وقبلةُ غيم،
ولمسةُ سماء…