فاطمة صابر |
المغرب
أيتها الإنسانية
أيتها الإنسانية فيك أتوقُ
وأحمل قلباً بالحنين شقيقُ
أضمك مثل الأمِّ تُلهت طفلها
وتسكب من أنفاسها التربيقُ
لو أن أضلاع صدرٍ ترتوي
بالحبِّ، كان الحب فيها غريقُ
أصوغ لك الأمانَ سورا يانعاً
وتحت جناحي السلام رفيقُ
أزرع فيك الياسمين معطراً
وأسقي غصون الرجاء طريقُ
لكنني قلب يُناجي حلمه
وعلى الجراح المساء والغسوق
تعالي احتمي في صدرِ هذه الشاعرة
فالكون يبكي والشموع تحترق
سأحملك لأغسل الكراهيةُ اليوم
بمطر المحبة والندى العبق
ستبقين حلماً في ضلوعي نابضاً
وطنا للسلام على الصدر رقيق
فأنت، أنت الدنيا بلا نهاية
وأنتِ قصيدي حين يضعُف منطقي.
لا تخدعيني أيتها المرآة
أيتها المرآة، يا صفحة الزيف البراقة،
تُريني وجها ليس وجهي، ونظرات ليست عيني!
تُزينين الجرح بضحكة، والحزن بابتسامةٍ زائفة،
فكيف أصدّقكِ، وأنتِ تُخفين أنيني؟
لا تخدعيني، أيتها المرآة،
فأنا لست تلك الفتاة التي ترسمين،
بخدود وردية، وعيونٍ كأنها نجوم الصباح،
أنا طيفٌ من أحلامٍ مكسورة،
وأنفاس تعثرت في دروب الرياح.
أنتِ تُظهرين قناعًا من نورٍ مصطنع،
لكن تحت بريقكِ، قلبي يهمس: "أنا موجوع".
في عينيّ حكاياتٌ لم تُروَ،
وأحزان كتبتها الليالي بدمع مفضوح.
لا تخدعيني، أيتها المرآة،
فأنا أعرفني، أعرف ظلي ووجعي،
أعرف الشقوق التي حفرتها الأيام في روحي،
والتجاعيد التي رسمتها الخيبات على جبيني.
لكن، أيتها المرآة، دعيني أخبركِ سرًا،
رغم الدمع، سأردد أغنيتي،
سأرسم على شفتيّ ابتسامة التحدي،
وأزرع في قلبي وردةً من أملٍ جديد.
فلا تخدعيني، بل كوني صديقتي،
أريني الحقيقة، لكن علّميني،
كيف أرى جمال الروح رغم الشقوق،
وكيف أحبّ ذاتي، حتى لو خذلتني الدروب.
أيتها المرآة، كفي عن الزيف،
وكوني مرآة لقلبي، لا لوجهي،
ففي قلبي بحرٌ من الأحلام،
وفي عينيّ، نجمٌ لن يخبو أبدًا، مهما طال الزمن.
بريق الشاشات
تحت وميض الليل، حيث النجوم تخجل من عزفها،
تتراقص أصابعي على شاشاتٍ، كأنها سحر يُكتب في كفها.
ضوء ناعم يهمس، يروي أسرار العالم الغريب،
حكاياتٌ تُنسج في صمتٍ، وأحلام ترقص في المغيب.
بريق الشاشات، مرآةٌ تعكس نبض القلوب،
تارةً بحر من نورٍ، وتارةً ظلٌ يثير الوجوب.
تُقرب ما تباعد، تُحيي في النفس لهفة العاشق،
لكنها، آهٍ، قد تُغرقنا في بحرٍ من الزيف الرقراق.
أرى فيها ضحكة طفلٍ، ونظرات عينٍ تائهة،
شاعرا ينشد حلماً، وقلما يبوح بصمتٍ ناقصة.
يا شاشات الزمن، أنتِ نافذةٌ ووهمٌ معاً،
تُضيئين دربي، لكنكِ تخطفين من عيني الضياء.
فلتبقي سحراً يُغري، لكن دون أن أنسى،
أن الحياة تنبض خارجكِ، حيث الروح تُحلّق وتُنشد.