📁 تدوينات جديدة

مختارات شعرية للأديبة اللبنانية آمنة ناصر

مختارات شعرية للأديبة اللبنانية آمنة ناصر
 

آمنة ناصر | لبنان

جفاف على الضفاف

بين مد وجزر

بين مدٍّ وجزرٍ

تقطَّعت أوصال أمانينا إربًا

قريبان نحن جسدًا،

أمّا في الروح فغربة.

كيف نسكت تأوّه النايات؟

كيف نُكفّ الصراعات؟

كي لا ينقلب السلام حربًا،

ما بال الأودية تزداد رعبًا؟

وضفاف أوردتي اضمحلّت،

لا أرى فيها زهرًا...

ولا حتى عشبًا.

تصدأ إناءُ قلبي من ملوحة أدمعي،

الذي كسّرته وطرحت آماله شرقًا وغربًا.

حسبته ماضيًا، ونسيتَ وفاءه،

غرّ بك بريق قلبٍ عابر،

ونسيتَ أن ليس كل ما يلمع ذهبًا.

أسألك الرحيل قليلًا،

فربما

في البعد تزداد حبًّا.

أحاديثنا لا تشبه أحاديث أحد

تركض الثواني

في حديثنا

وكأنّها السواقي.

يمرّ الوقت سريعًا بيننا،

وأخشى مروره

كمتسلّق جبل شاهق

ولديه خشية الانزلاق...

يهرب الوقت كلصٍّ

يخشى الأضواء،

ويحبّ الظلمة ليتوارى عن كل أثر.

أمّا أنا فلا أهدر الوقت

في البحث عنك في الأحداق،

أبحث عن لحظة تساوي عمرًا،

وأنذر عمري لها دهرًا.

حدّثني كثيرًا،

فأنا أصمّم في كل كلمة من كلماتك لحنًا

ألجأ إليه عندما يغلبني النعاس.

كلّما جنّ الليل،

غفوت على لحن كلماتك

كطفلة صغيرة في مهدها.

فلا تلزم الصمت،

كي ترتسم الأغنية في موعدها.

حدّثني كثيرًا.

كيف قسوتَ؟

لم أعلم بأنك

بالغ القسوة.

قسوتك هذه

من أين جئتَ بها؟

وكنتَ لتكون بقربي،

تُكثر الصلاة لربي

وتردد الدعوة.

والآن،

ما عاد قلبك يحملني،

ولو ما زلتَ على حبك

لما بلغتَ هذه القوة!

أعلم أنّك لم تحبني أبدًا،

وبإرادتك حفرتَ بيننا الفجوة.

نسيتَ كل شيء بلحظة،

وكأن وهمًا كانت أيامُنا الحلوة.

لن أصرّ عليك ثانية،

فكل امرئ يطيب له من يهوى.

سرْ يا حبيبًا في أمان الله،

لكن ثِقْ

بأن قلبي

ليس قرينك ولا شبيهك،

لأنه لم يعرف

بالمشاعر اللهو.

أوهمتني بالحب،

ثم خذلتني،

فلن يعرف قلبي هذه المرة

سماحًا ولا عفوًا.

خسرتَ قلبًا صادقًا، ونعتَّه كاذبًا،

لكنه في حياته

ما كذب،

وكان مؤمنًا بحبك

وشديدَ التقوى.

أما الآن،

فقد كفر بالحب،

بعدما

طرحتَه أرضًا

دون أن يرفّ لك جفن،

وكسرتَه

كفنجان قهوة.

نعم... من خذلانك

فقدتُ الثقة بكل يد تُمد إليّ،

ولو كانت صادقة وشديدة النخوة.

الآن، بعدما أسقطتني من سنينك عمدًا،

فلن أتركك في بالي دقيقة،

ولو حتى سهوًا.

ثورة حب

لا أعلم لماذا لديّ الرغبة أن أُحدّثك طويلًا،

أن أفجّر ينابيع الصمت

في حضرتك،

أن أخبرك عن طفولتي،

ولون شعري وعينيّ،

وعن لعبتي

وأحلامي الصغيرة...

أريد أن أخبرك

كم أني كذبت في كل مرة كنتَ تسألني فيها ما إذا كنتُ أحبك،

وكنتُ أُنكر ذلك.

أريد أن أخبرك عن كل مرة

نحّيتُ نظري عنك،

بينما كانت رغبتي أن ألتهمك بنظراتي،

وأُغمض عينيّ كي تبقى فيهما،

لأنك كنتَ أجمل ما أراه.

كم أرغب بأن يطول الوقت،

وأن أملأه بحكاياتي

الساذجة والعميقة.

أرغب بأن أحتضنك طويلًا،

وأن أضع رأسي على ركبتيك،

وأن أشعر بيديك الدافئتين تمسحان على شعري المنسدل.

أرغب بأن أرقص معك تحت المطر،

وأن أدلّل زهرة فلّ تضعها في شعري.

كم أشتاق إلى عناقك،

وإلى أن أتغلغل في صدرك،

لأنزع عنه كل شكٍّ بأني نسيتك،

وبأني مشغولة بأمور كثيرة.

فيا ليتك تعلم بأني، في كل مشاغلي،

يكون شوقي إليك شغلي الشاغل،

وآفاق عقلي لا تتخطاك،

ودروب قلبي لا تعرف سوى اتجاهاتك.

أحببتك،

وكان حبي جنونيًّا،

لكنه كان صامتًا،

والآن سيفجّر كلّ مشاعره

لتصل إليك،

لتفهمها،

لتستوعبها جيدًا.

فأنت لي،

ومعي،

أنت فرحي والساكن في أضلعي...

فهل فهمتَ صمتي الآن؟

فأنا أُعلنها ثورة حب...

فهَلُمّ إليّ.

تعليقات