📁 تدوينات جديدة

حوار مع الكاتبة المغربية أمينة الخربوع | حاورها: حسن امحيل

حوار مع الكاتبة المغربية أمينة الخربوع | حاورها: حسن امحيل
 

المحور الأول: المسار الأدبي والتجربة الشخصية

1 – كيف بدأت رحلتك مع الكتابة؟ وما الذي شكل وعيك الأدبي؟

يمكنني القول أن اللحظة الأولى التي فكرت فيها بأني أريد أن أصبح كاتبة جاءت بشكل عفوي جدا في سن صغير أثناء استقبال مؤسستي الابتدائية لبعض الكتبيين الذين حطوا رحالهم أسبوعا كاملا بالمؤسسة لبيع الكتب، وقد كان ذلك الحدث هو أول لقاء لي بعالم الرواية والقصة الشاسع، اقتنيت وقتها بعض القصص القصيرة والمصورة بما توفر عندي من مال، ووقع بصري في اليوم الأخير من المعرض على إحدى القصص المصورة التي شدني عنوانها فلم أتمكن من شرائها لأني أنفقت كل ما أملك، شعرت بحزن شديد فقررت في تلك اللحظة أصبح كاتبة قصص مصورة انتقاما من فقري، وككل طفل بدأت أولى محاولاتي، اشتريت دفتر رسم وبدأت أرسم شخصيات وأتخيل بعض الحوارات، لكني سرعان ما نسيت أمر الكتابة وتفرغت لرسم شخصيات أفلام الكرتون التي كنت مولعة بها. وبعد ذلك الحدث ببضع سنوات التقيت بالكتابة مجددا في لحظة ألم تمخضت عنها قصيدتان هما: "صدفة من نور" و"خيبة أمل"، وكانت سنواتي بعدها شعرا. ومما ساعدني على كتابة الشعر قراءتي المبكرة لقصائد رواد الشعر العربي الحديث خاصة "نازك الملائكة" و"بدر شاكر السياب" التي تركت داخلي بصمة سواء من حيث الأسلوب أو القوة الشعورية أو القضايا المناقشة. بعد ذلك تعمقت تجربتي في الكتابة فلم أكتف بكتابة الشعر بل تحولت إلى كتابة القصص القصيرة والنصوص المسرحية، ثم الرواية وقد ساهمت العديد من العوامل في تشكل وعيي الأدبي لعل أبرزها:

-القراءة الواسعة بحيث كنت قارئة نهمة جدا، أقرأ في مجالات متنوعة خاصة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس وبعض الروايات والدواوين الكلاسيكية وبعض النصوص المسرحية.

-تجربتي الشخصية مع معترك الحياة، حيث ألهمني العديد من الأشخاص والمواقف التي عشتها أو رأيت غيري يعيشها، واللحظات التي علقت في ذاكرتي، وصقلت رؤيتي للعالم وجعلتني أكثر انتباها للتفاصيل الإنسانية.

-التأمل والتحليل: أتمتع بشخصية هادئة جدا وغالبا ما تجدني صامتة، لأني في لحظة تأمل للكون ولمن يعيش فيه، لطالما اعتبرت العالم من حولي منزلا عامرا بالأحداث والوقائع والشخوص التي تحتاج صوتا يعبر عنها وربما هذا هو ما دفعني لأن أكون هذا الصوت، بالإضافة إلى ذلك أنا قارئة انتقائية جدا، لن تجد في يدي كتابا لا يتماشى مع نظرتي ونبضي، ولا أكتفي بقراءة الكتاب بل أتأمل كيفية بناء النصوص ورص الجمل، ولحم الأفكار، هذا الوعي النقدي جعلني أختار توجهي الأدبي فيما بعد.

-التأثر بالثقافة والفنون والآدب الغربية: انفتاحي على بعض النصوص الغربية بالإضافة إلى انفتاحي على السينما والموسيقى والفنون التشكيلية شكل مصدر إلهام لي وساعدني في بناء رؤيتي السردية.  

2 – ما الدوافع التي جعلتك تختارين هذا المسار الإبداعي؟

اخترت هذا المسار عن وعي وإدراك بمكانتي داخل المجتمع باعتبار أن قلمي سيكون مؤثرا، الرواية النفسية نوع أدبي يحتاج أديبا قادرا على تصوير وفهم تفاصيل النفس البشرية بشكل عميق وهذا بالضرورة يقتضي دراسة علم النفس سواء أكاديميا أو عبر القراءة الذاتية، ثم ملاحظة سلوكات الناس وتصرفاتهم والتفكير في دوافعهم الخفية وراء ما يأتونه من أفعال، ناهيك أن الرواية النفسية تتيح لي حيزا كبيرا للتعبير، خاصة أني أعشق تتبع التفاصيل الصغيرة وتمنحني كذلك القدرة على معالجة أعطاب المجتمع النفسية عبر الاشتغال على عينات منه.    

3 – هل تتذكرين أول نص كتبته؟ وما كانت ظروف كتابته؟

أول نص كتبته كان قصيدة "خيبة أمل"، وقد تمخض عن تجربة نفسية لشخص قريب من محيطي العائلي سمعت قصته فشعرت بشيء غريب ينفجر داخلي، طاقة ما، شعور أو ربما ألم، لم أتمكن من تسمية الشعور الذي ولد داخلي فجأة حينئذ، فوجدت طريقة للتعبير عنه وهي الشعر، جاءت القصيدة بشكل عفوي في أزيد من ثلاثين سطرا.

وبعدها مباشرة صرت أكتب بلا توقف في كل مكان وتحت أي ظرف، وأصبحت الكتابة قطعة مني، والملجأ الذي يمنحني الأمان والطمأنينة، وصار الورق صديقا مقربا جدا إلي أكثر من الناس، لأنه يسمح لي بقول كل شيء في قلبي دون أن أخاف من سوء فهمه وتجاهله لأفكاري.  

4 – ما التحديات التي واجهتك كامرأة كاتبة في المشهد الأدبي المغربي؟

شخصيا لا أعتبر ما صادفته خلال مسيرتي في الكتابة تحديات فقط بل محفزات كذلك، عندما تسقط المرأة الكاتبة فإنها غالبا ما تنظر إلى مسار حياتها كله، لأنها تدرك الأشياء في كليتها وهذا جزء من تكوينها الجيني، تتذكر العثرات والسقطات ولحظات الضعف والخذلان والألم، لكنها تتذكر كذلك السبب الذي جعلها تخوض غمار تجربة الكتابة، باعتبارها تجربة شاقة جدا رغم بدوها لغير المنغمس فيها تجربة فريدة ورائعة.

ولأن المرأة كتلة من المشاعر تتحرك فإنها تترجم كل التحديات إلى مشاعر، تعرضت مثل غيري إلى الكثير من التحديات المحفزات أهمها الرفض؛ رفضت أعمالي ولم أتلق الدعم الذي كنت أتوقعه في بداية مشواري، سقطت مرارا وكان وقوفي يعتمد على مقدار صبري وإيماني بنفسي وهدفي، ولأن هدفي نبيل استمر قتالي، وهو قتال على جبهتين؛ قتال نفسي وصراع ضعفي، وقتال المجتمع الذي لا يعترف بشكل كاف بصوت الأنثى.

5 - من هم الكتاب الذين أثروا في مسيرتك الأدبية؟

أولهم الشاعر العراقي "بدر شاكر السياب" كانت قصائده بمثابة الرفيق المقرب الذي يربت على كتفي، معه اكتشفت بأني يمكن أن أصبح صاحبة قضية أدافع عنها عبر ما أكتب.

ثانيهما الكاتب الفرنسي "فيكتور هوغو" خاصة رائعتاه "البؤساء" و"أحدب نوتردام" عرفت معه أن الكاتب الحقيقي صاحب موقف ورأي ومؤثر في المجتمع، أصبحت معه أكثر وعيا بأني يجب أن أقاتل الظلم وغياب العدل وأن أقدم صوتا للأبرياء والمضطهدين والمحرومين، عرفت معه أن الإنسان يستحق أن نمنحه فرصة ثانية ليتغير ويصبح شخصا أفضل.

وآخرهما الفيلسوف الألماني "نيتشه" الذي جعلتني أعماله التي قرأتها أغير نظرتي للواقع الذي أعيشه، منحتني عينا ثالثة فأصبحت أكثر وعيا بأن ما هو سائد داخل مجتمعاتنا العربية من قيم وأفكار وتوجهات وخلفيات معرفية لا تعنيني لأني قادرة على إعادة صياغة وتشكيل أفكار جديدة أكثر انفتاحا مما هو سائد، ودفعتني إلى الاحتفال بالحياة واختراع طريقة لعيشها بشكل قوي وكامل لا يخضع لسلطة أحد مهما كانت مكانته.

المحور الثاني: قضايا الإبداع والكتابة

6 – هل تعتبرين الكتابة التزاما أم متعة؟ وكيف توفقين بين الإبداع والواقع؟

الكتابة مزيج من الالتزام والمتعة، من جهة هي التزام لأن الكاتب يتحمل مسؤولية التعبير عن أفكاره بصدق، ونقل رؤيته للعالم ومشاركة همومه مع القارئ. كثير من الكتاب يرون الكتابة التزاما نحو قضاياهم الشخصية مما يجعلها فعلا يتجاوز المتعة ليصبح ضرورة ملحة، وفي نفس الوقت الكتابة متعة لأنها تمنح الكاتب حرية الإبداع، وتسمح له بخلق عوالم جديدة، والتعبير عن مشاعره وتمرير أرائه ومواقفه.

7 – كيف تختارين موضوعات أعمالك؟ وهل تستلهمين من الواقع أو الخيال؟

إن الواقع هو الملهم الأول للكاتب مادام واقعنا عبارة عن قصة أيضا مع فارق بسيط وهو أننا لا نتحكم فيه بشكل كلي مادامت للقضاء والقدر يد وسلطة عليا، الكاتب يشبه القدر لأنه يتحكم بشخصيات عالمه المحكي عبر خيوط خفية مثلما يفعل محرك العرائس أثناء تقديمه لعرض مسرحي. واقعنا المليء بالحب، والحروب، والدماء المسفوكة، والألم، والضحايا، والمساكين، والمرضى النفسيين أكبر ملهم لي، تلهمني قصص الناس وآلامهم ودموعهم وقلة حيلتهم وعدم قدرتهم على التعبير عن أنفسهم ورغبتهم في التحرر من القيود وإنهاء الحروب، وتجعلني أكثر تعاطفا معهم ومع رسائلهم في هذا المعترك الذي أفسدته المفاهيم والتصورات العقيمة.  

8 – هل تجدين أن هناك خصوصية في الكتابة النسائية؟ أم أن الأدب يتجاوز التصنيفات الجندرية؟

تعرف الكتابة النسائية تطورا ملحوظا، لكنه واقع لا يخلو من التحديات، حيث برزت العديد من الكاتبات اليوم في مختلف المجالات الأدبية من شعر وقصة ورواية ونقد، وتمكنت العديد منهن من كسر الصور النمطية عن المرأة في الأدب، وبالرغم من ذلك لا تزال التحديات قائمة مثل النظرة الدونية للأدب النسائي بوصفه أدبا قائما على قضايا المرأة إلى جانب القيود الاجتماعية التي تحد بشكل كبير من حرية التعبير، لكن انتشار الجوائز الأدبية وتطور وسائل التواصل زاد من الاهتمام بالأدب النسائي

وبالعودة إلى المشهد الأدبي المغربي فقد تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة بالأدب النسائي حيث تتسم الكتابة النسائية في المغرب بتنوع لغوي (العربية، الأمازيغية، الفرنسية...) وثراء موضوعاتي، فهو أدب منفتح على العالم ومواكب لتطوره، حيث لا يقتصر على قضايا المرأة بل إنه يتجاوزها للتعبير عن قضايا اجتماعية، وسياسية، ونفسية كونية.

ورغم هذه الخصوصية التي تطبع الكتابة النسائية إلا أني أرى -وبشكل شخصي- أن الأدب يتجاوز التصنيفات الجندرية، إذ لا يمكننا أن نختزله في تصنيفات جندرية صارمة، لأنه تعبير إنساني عن التجارب البشرية بكل تمفصلاتها وتعقيداتها، ثم إن الأدب الصادق والجاد يتجاوز كل التصنيفات لأنه يخاطب الإنسان كإنسان، والكاتب الصادق هو الذي يكتب عن النفس البشرية دون أن تكون تجربته في الكتابة مقيدة بجنسه.

9 – ما رأيك في مستوى الأدب المغربي اليوم؟ وهل يحصل على الاهتمام الكافي محليا ودوليا؟

يشهد المشهد الأدبي المغربي اليوم تنوعا وثراء لافتا مع بروز أسماء جديدة إلى جانب الأسماء الراسخة التي أثرت في الأدب العربي لعقود، حيث نلمس تطورا واضحا في أساليب السرد وتناول المواضيع، كما أن هناك اهتماما متزايدا ببعض الأنواع الأدبية مثل الرواية النفسية، وأدب الجريمة، والخيال العلمي وهي مجالات لم تكن تحظى باهتمام كبير في السابق.

ويلاحظ على المستوى المحلي دعما نسبيا للأدب سواء من خلال الجوائز الأدبية مثل "جائزة المغرب للكتاب"، أو من خلال دور النشر التي أصبحت تهتم كثيرا بنشر أعمال الكتاب الشباب، ويبقى التحدي الأكبر هو ضعف توزيع الكتب وقلة القراءة مقارنة بدول أخرى وهو الأمر الذي يؤثر على انتشار الأدب المغربي محليا ودوليا.

أما دوليا فإن الأدب المكتوب باللغة الفرنسية يتمتع باعتراف واهتمام أكبر بفضل دور النشر الفرنسية التي تروج له بينما ما يزال الأدب المكتوب لغة عربية حبيس رفوف المكتبات المغربية ويعاني من نقص في الترجمة والترويج في المحافل العالمية.

10 – إلى أي مدى يؤثر المشهد الثقافي في كتاباتك؟

اؤمن بأن الكاتب فاعل بالقوة في المشهد الثقافي، إذ يجب عليه أن يساهم هو كذلك من موقعه وعبر أفكاره ورسائله في بناء الخارطة  الثقافية لبلده، كما اؤمن بالتنوع الثقافي إذ يؤثر هذا التنوع في نظرتي وتوجهاتي وأهدافي، فالثقافة ليست مجرد خلفية صامتة إنما هي نسيج متداخل من القيم والتقاليد والاتجاهات الفكرية والتغيرات الاجتماعية، وهذا التنوع الذي أتعرض له في بيئتي الثقافية من خلال الأدب العربي والعالمي والسينما والفنون الأخرى يثري لغتي ويطور أساليبي السردية ويدفعني على إعادة النظر فيما أكتبه، ففي النهاية أنا جزء من مشهد ثقافي حي ومتغير يؤثر في بقدر ما اؤثر فيه من خلال كلماتي.

المحور الثالث: العلاقة مع القراء والنقد الأدبي

11 – كيف تتفاعلين مع قرائك؟ وهل تؤثر آراؤهم في مسارك الإبداعي؟

إن العلاقة بين الكاتب والقراء علاقة تفاعلية، لكنها ليست حتمية التأثير، أنا أؤمن أن الكاتب في حاجة إلى أراء متلقي خطابه الروائي لأنه لا يكتب من فراغ بل يكتب لجمهور يتفاعل مع نصوصه، لذلك فأنا حريصة على متابعة أراء القراء، ليس فقط لمعرفة صدى أعمالي لكن أيضا لفهم كيف تؤثر كتاباتي في وجدانهم وأفكارهم، تمنحني آراء القراء سواء أكانت إيجابية أو سلبية  منظورا مختلفا حول ما أكتبه، وتساعدني على معرفة نقاط ضعفي ونقاط قوتي، أحيانا يفتح لي القارئ نافذة جديدة حول نص كتبته فأكتشف أبعادا لم أكن قد فكرت فيها لحظة الكتابة.

ومن ناحية أخرى أسعى إلى الحفاظ على استقلاليتي الإبداعية ولا أسمح لهذه الآراء بتوجيه مساري في الكتابة بشكل كلي، ما دمت مؤمنة أن الكتابة نابعة من دوافع داخلية فردية ومن رؤية خاصة للعالم، فالكتابة ليست مجرد استجابة آلية للتوقعات، بل هي بحث مستمر عن حقيقة ما.

12 – كيف تتعاملين مع النقد سواء كان إيجابيا أو سلبيا؟

ليست عندي وصفة سحرية يمكنني القول بأني أتبعها للتعامل مع النقد ولكني أفرق بشكل موضوعي بين النقد الموجه إلى أعمالي وبين النقد الموجه لشخصيتي من خلال استخدام ما أكتبه ذريعة، وأنا شخص منفتح أتقبل بصدر رحب النقد لأني على وعي بأهميته في بناء شخصيتي الإبداعية، وعلى المبدع أن يكون جاهزا لهذه العملية لأن العمل الذي لا يعصف بأذهان النقاد ولا يحرك أقلامهم لا يمكن أن يعتبر عملا ناجحا.

إن العملية النقدية جزء من العملية الإبداعية يمكننا أن نشبههما بالورقة وظهرها لا ينفصل أحدهما عن الآخر أبدا، فالإبداع هو الشرارة الأولى واللحظة الخلاقة التي يولد عبرها النص والنقد هو الضوء الذي يسلط على هذا الإبداع، فيحلله، ويفككه، ويمنحه أبعادا أعمق.

13 – ما رأيك في واقع النقد الأدبي في العالم العربي اليوم؟

أرى أن النقد الأدبي اليوم يشوبه التفاوت بين النقد الأكاديمي الجاد الذي يشتغل بأدوات وآليات نقدية محكمة وبين النقد الصحفي أو الانطباعي، هناك نقاد ملتزمون بمناهج نقدية حديثة يقدمون قراءات معمقة للنصوص الأدبية لكنهم غالبا ما يظلون محصورين داخل الأوساط الاكاديمية وفي المقابل يسيطر على النقد في الإعلام طابع المجاملة أو الأحكام السريعة الجاهزة مما يؤثر على جودة العملية النقدية للأعمال الأدبية. هذا ونشهد انفصالا بين النقاد والمبدعين وهذا راجع إلى غياب تواصل ديمقراطي بين هذه الأطراف مما يؤثر بشكل سلبي على توجيه الذائقة الأدبية وتشكيل المشهد الأدبي، ورغم هذا فإن هناك العديد من الجهود التي تبذل في سبيل إعادة إحياء النقد من خلال الوسائط الرقمية، حيث أصبحت بعض المدونات والمواقع تقدم قراءات نقدية عميقة، إضافة إلى مواقع التواصل التي أوجدت حوارا بين الكتاب والنقاد، إلا أن التحدي الأكبر هو ترسيخ فكر جديد يقدم النقد بوصفه أداة تطويرية لا مجرد مجاملات أو أداة لتصفية الحسابات.

المحور الرابع: الكتابة في العصر الرقمي

14 – هل أثرت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على أسلوبك أو طريقة تواصلك مع القراء؟

لا يمكنني أن أنكر بأن لوسائل التواصل الفضل في تقريبي من القراء بشكل كبير وفتح أفاق تواصل مثمر بيني وبينهم، لكنها لم تؤثر أبدا في طريقتي في تناول المواضيع وأسلوبي في الكتابة، بل على العكس جعلتني أدرك اختلافي وقيمة ما أهدف إليه من خلال رحلتي في الكتابة، أحيانا نكتشف اختلافنا وقيمة ما نؤمن به وما نسعى إلى إرساء دعائمه من خلال احتكاكنا بعوالم أخرى لا تشبه عالمنا ولا البيئة التي نشأنا فيها والعالم الافتراضي أحد هذه العوالم.

15 – هل ترين أن النشر الالكتروني يهدد الكتاب الورقي أم يكمله؟

يساهم النشر الالكتروني في ترويج الكتاب على نطاق أوسع عبر كل جغرافية العالم، والكثير من الأسماء التي وصلنا صداها ونجاحها لم نكن لنعرفها لولا النسخة الالكترونية من عملها الإبداعي، لذلك فأنا أرى أن النشر الالكتروني يوفر مزايا كبيرة إذ يكمل ويدعم النشر الورقي ويساهم في انتشار العمل بشكل سريع قياسا بالنشر الورقي بالإضافة إلى تكلفته المنخفضة، وهو خيار جيد للكاتب مادام أمام جيل يعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير في حياته اليومية.

16 – هل تفكرين في تحويل بعض أعمالك إلى أفلام أو مسلسلات؟

من بين أهدافي التي أسعى إلى تحقيقها هو منح حياة بصرية لأعمالي الروائية، إنها فرصة لأنقل أفكاري والقضايا التي أدافع عنها إلى فئات أكبر من الجماهير، أحب أن تبعث الشخصيات التي أخلقها من الورق إلى الواقع وأن تعبر بنفسها عما تشعر به، وأن يصاحب هذا التعبير مؤثرات بصرية وموسيقى تصويرية تعكس التفاصيل الدقيقة التي أركز عليها أثناء الكتابة.

المحور الخامس: الرؤى المستقبلية

17 – ما هو مشروعك الأدبي القادم؟ وهل هناك عمل جديد في الأفق؟

عملي القادم رواية نفسية انتهيت من كتابتها سنة 2022 ولكنها لم تر خلال السنوات السابقة النور بسبب مجموعة من العراقيل التي اعترضت عملية النشر لكنها إذا وفقني الله لذلك ستكون متوفرة في المكتبات في القادم من أشهر هذه السنة لأنني بدأت الاشتغال عليها مع دار آكورا للنشر والتوزيع، علاوة على ذلك أنشغل في الوقت الراهن بكتابة عمل روائي جديد.

18 – ما النصيحة التي تقدمينها للكتاب الشباب الذين يحاولون شق طريقهم؟

إن النصيحة التي يمكنني أن أقدمها لكل شاب يحاول أن يشق طريقه ويكتب اسمه في لائحة الكتاب العظام هي التحلي بالانضباط والصدق لأن كل ما هو صادق ومتعوب عليه يرى نور الصباح مهما اشتدت ظلمة الليل وخطوب الحياة.

19 – كيف تحلمين أن يكون تأثير كتاباتك على الأجيال القادمة؟

منذ بدأت رحلتي في الإبداع كان همي واحدا وهو تغيير أفكار وقلوب القراء، وسيظل هذا الهم قائما ما دمت أكتب لأن الكتابة عندي وسيلة من وسائل التغيير والتطهير. أحلم أن تكون كتاباتي نافذة وعي تفتح عقول قرائي في الأجيال القادمة وتثير أسئلتهم حول جدوى الوجود والإنسان والمآل والمصير، كما أرغب بأن تترك في قلوبهم بصمة وتجعلهم يعيدون التفكير في أنفسهم وفي العالم من حولهم.

أحلم أن تقرأ كتاباتي مع كل جيل بنظرة مختلفة، وأن يجد فيها الوحيد العزاء لوحدته، والمتألم البلسم الشافي لألمه، وفاقد الأمل الشغف لمواصلة حياته، أحلم أن تقرأ كتاباتي بعد سنوات طويلة لا لأنها قديمة بل لأنها مازالت حية وقادرة على لمس قلوب القراء.

20 – إذا كان بإمكانك توجيه رسالة إلى نفسك في بداية مشوارك الأدبي، ماذا ستقولين لها؟ 

سأقول لها التالي: اكتبي بلا خوف، اقرئي بشراهة، اكتبي كل يوم، لا تتعجلي النجاح، تحملي النقد وتعلمي منه، اصنعي صوتك الخاص، كوني صبورة ومثابرة، عيشي الحياة ثم اكتبيها.  

تعليقات