أصدرت جمعية عبور للثقافة والنشر رواية "إثري" للأديب المغربي لحسن
ملواني، وهي العمل الروائي الرابع له بعد "المتعبون"، "تيتريت"،
و"الفريد". تأتي الرواية في 150 صفحة ذات حجم متوسط، مزينة بغلاف أنيق من
تصميم نور الدين الوادي، ومع لوحة فنية من إنجاز الفنان التشكيلي محمد الهواري. وقد
قام الكاتب المغربي أحمد الشيخاوي بتقديم العمل، الذي يعكس عمق الموضوعات التي يعالجها.
يحمل عنوان الرواية، "إثري"، معنى النجم باللغة الأمازيغية، في
إشارة إلى بطل الرواية الذي يعاني من أزمة هوية وتحديات وجودية. من خلال هذه الشخصية،
يقدم ملواني دراسة نقدية للعلاقات البشرية والأفكار الفلسفية التي تدور حول التباين
والاختلاف.
تستعرض الرواية حياة "إثري"، الذي يعيش بين عالمين متوازيين، يحاول
بكل الطرق جمع شتات فكرته وتوافقه مع محيطه دون أن يصل إلى حل. تتضمن الرواية تساؤلات
فلسفية عميقة تتعلق بتصادم العوالم المختلفة في النفس البشرية: لماذا يسعى البشر إلى
الانسجام التام في علاقاتهم؟ هل يمكن للإنسان أن يعيش في عالم خالٍ من الصراعات؟ وهل
يمكن أن يكون هذا العالم مكانًا لتطور الفرد؟ هذه التساؤلات تشكل جوهر الرواية وتحرك
تفكير القارئ في سياق الواقع المعاش.
يتميز "إثري" بقدرته الفائقة على مراقبة مجريات الأمور من منظور
نقدي موضوعي، محاولًا استكشاف أبعاد الواقع بعيدًا عن الانفعالات الشخصية. فهو لا يكتفي
بمراقبة الأحداث، بل يسعى لتحليلها وقراءة أسبابها ونتائجها على المجتمع. يرى في كل
تجربة فرصة للتعلم، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وهو بذلك يطرح ضرورة إعادة بناء الواقع
الاجتماعي بما يتناسب مع متغيراته.
ويكشف ملواني من خلال هذه الشخصية عن تحولات المجتمع، حيث يرى "إثري"
كيف تتحول القيم الاجتماعية إلى سلع قابلة للتداول، ويعكس الصورة المتناقضة حيث يصبح
الإنسان، الذي كان في يوم من الأيام رمزًا للأخلاق، مجرد كائن استهلاكي لا يعير القيم
الإنسانية أي اهتمام. هذه الصورة المقلوبة تثير تساؤلات حول الاتجاه الذي يسير فيه
المجتمع وأثر ذلك على الأفراد.
رواية "إثري" ليست مجرد سرد لأحداث درامية، بل هي دعوة للتفكير
النقدي في واقعنا المعاصر. ملواني، من خلال بطل روايته، يسلط الضوء على الحاجة الملحة
لإعادة تقييم القيم الإنسانية والمجتمعية.