📁 تدوينات جديدة

الطبال واللب السوري | قصة: عبد الرحيم الدباغ

الطبال واللب السوري | قصة: عبد الرحيم الدباغ
 عبد الرحيم الدباغ | المغرب 

كان شابا أسمر اللون ذا شاربين كثين شديدي السواد، ينفرجان عن أسنان بيضاء.

كان يحلو لي وصديق طفولتي أن نكون ممن يتبعون مجموعته الموسيقية التي يترأسها نافخ مزمار يبدو أحسن فرقته هنداما. ويضع على رقبته قطعة قماش صغيرة اتقاء لحر الشمس الذي يلفح ما ظهر من عنقه. يمشي وشفتاه ملتصقتان بمزماره التصاقا تكاد أطراف شدقيه تتمزق من كثرة النفخ. ونحن نتبع الفرقة الموسيقية الشعبية غير آبهين بالوقت ولا بتخلفنا عن مواعيد حصصنا الدراسية. فماذا يضيرنا لو نسترق لحظات فرح ونحن في طريقنا الى المدرسة!

كان صاحبنا أكثر شخصيات الفرقة غرابة وطرافة في آن. ومما كان يثيرنا ونحن نتبع فرقته كمن يتبع جنازة نتحرك وئيدا ونقف بين الفينة والأخرى حينما تقف المجموعة الموسيقية لتسمح باستعراض راقصات الفرقة، وكذا لتلقي بعض الأوراق النقدية من فئة عشرين درهما بالخصوص.

وهي في طريقها إلى دار "العرس" كان شكلها يتكور ويكبر ويصغر مثل كرة سمك السردين في المحيط، فكلما انضافت إليها أفواج من المغرمين بالعزف أو من الفضوليين أيضا أو تركتها أفواج أخرى ممن قضوا وطرهم وأشبعوا أنفسهم نغما كان شكلها يتغير...

كان صاحبنا يحب بل يعشق اللب السوري وكيف له أن يستمتع بتقشيره ويداه منشغلتان بقرع طبله المعلق على كتفه الأيسر والذي أنهكه الضرب؟ فكان يستغل لحظات توقف فرقته عن العزف فيلتقط حفنة من اللب السوداني واضعا إياها في فيه وأثناء عزفه يقشرها واحدة تلو الأخرى كأنه آلة.

تعليقات