آمنة ناصر | لبنان
حب تحت الركام
على مخيلتي تسطو الآلام
صور أقطفها من دالية مرآتي المشظاة
فالطيور كلّها صارت رذاذا
والأشجار عجائزا
وتوقفت ذاكرتي هناك
عند البلبل الذي كان يوقظني على الشباك
عند تلك النجوم الغيارى
من القمر عندما كان يسامر الحيارى
عند حالنا ونحن ضائعان تائهان
لا نلتقي في مقهى ولا دكان
لأن العناوين جميعها تغيرت
وأصبحت نارا ودخانا
هنا كان النرجس ضاحكا
وهنا كتبنا أغنية الهوى
وهنا نقشت أيدينا قلبين هائمين
ذلك كلّه سافر مع الغيم
وغاب في المدى
حتى الصوت غاب
واختبأ خلف الصدى
من نحن؟
قد تركنا أسماءنا في قرميد بيتنا
ونسينا ظلنا
تحت شجرة الزيزفون في حديقتنا
ونسأل حالنا اليوم
هل نعيش فعلا؟
أم نسير نحو الحياة وهي تجري أمامنا
ومتى نمسكها بأيدينا؟
متى نلبسها الفستان الجديد
ونلاعبها كما نريد
ونغني لها كما نريد
متى يكفّ الكبار أن يتلاعبوا بنا كالعبيد
فأنفاسنا لونها التنهيد
متى أرواحنا نستعيد؟
متى أنا وأنت نعود
عاشقين من جديد
متى
يعلو السلام على الحرب
ويسقط البغض أمام الحب
متى يا حبيبي
تبحث عن أنفاسي في ضلوعك
وتسأل عقلك عني وبالك
اعدني لأصير جملة الأمل في كتابك
وشمس عمرك في حضورك وغيابك
متى أعود لعبة تحتضها
وتخشى عليها
تخفيها وتحجبها عن أنظار العالم
لتمنع عن سمائك اللون القاتم
وتحيي في ربيعك المواسم
هبني فرصة ذهبية
لأقول لك ألف أحبك
ولا تسألني إن كان حبي حقيقيا
فانا أخشى أن يصبح كالحقائق
التي تتحول إلى أوهام
والتي تصبح عبئا ثقيلا على الأيام
أخشى أن يصير حبنا رقما من الأرقام
وفجأة تمحوه لعبة
وتحوله المآسي إلى آلام
ليس لدي إزميل نحت
لأفصل الحياة على مقاس حبنا
وحلمنا
ولا أدري ما إذا ما زلت وردتك الزاهية التي تأتيك في الأحلام.
نعم أحبك حبيبي
لكني نسيت أن أخبرك
بأن خيمتنا الصغيرة
حيث كنا نلتقي
صارت تحت الركام
9 نونبر 2024
لمن سأنادي بعد اليوم "حبيبي"
من سأناديه بعد اليوم "حبيبي"
والقلب يعتصر
كخرقة ثوب بالية
كعلم عُلّق قبل قرون على برج
ونسي هناك
قد علّقوه بعض الشبان
بلحظة اندفاع ثم غابوا
كدير مهجور
قد كرّت حجارة حيطانه
على إثر زلزال
لم يبق منه سوى جدارالجناح الأيمن
وثقب في الصليب
قلبي ذاب في السيل
في الركام
وفي عوامل التعرية والانجراف
حتى صار مجبولا بالتراب
حبي تلك الشمس التي عصرت آخر إكسير من نورها
وقبّلت شفتي الشفق عند الغروب
وغرقت في المحيط دون رجوع
صار قلبي ذاك الغراب المسحور
تلحقه لعنة ذاك المشعوذ
الذي أسره تحت قعر بئر مظلم
كي لا ينعم بالربوع
من سأناديه بعد اليوم حبيبي
من سأراه نديا كالطلّ على ثغر الزهر
عند انبلاج الفجر؟
من سأعانق طيفه أينما كنتُ
وألهو معه في وحدتي
وأحادثه دون ملل؟
لمن سأسترق نبضي
لأرقص له على وقع أغاني المطر
وتأرجح السحب...
من سأناديه حبيبي
متى رحلتَ
عن مدينة قلبي
التي هجرها كلّ حراسها
الذين رموا بنادقهم على الأعتاب
من أنا
وكيف أنفى إلى جزيرة الأميرات الخاطئات
المذنبات
ولم أفعل سوى تقديس الحب
في صلواتي
ما هو ذنبي لأصير المنبوذة
الممنوعة عن كل المناصب؟
وكأني الطريد الخطير
الذي عُمّم اسمه على كل مراكز الأمن العام والمطارات
وكأنني من هدّدت السلم الأهلي
وأضرمت النيران في الغابات
وكنت سببًا لإشعال الحرب واللهيب؟
من سأناديه بعد اليوم حبيبي؟
لمَ ابتعدت
لم أرتكب جرما
إلا وفائي
وطيبة قلبي
لم أخطئ إلا في عدم ترويض قلبي على نبذك
لم أفهمك ربما
وظننتك حبيبي
ونسيت أن أنساك
كإسمي وكالنشيد الوطني وكبلسم الجراح
أحببتك كما يحب الأطفال قطعة حلوى
وكما يتعلقون بأمهاتهم وآبائهم
نعم... أحببتك صديقا حبيبا كما أحب أبي
اِذهب حيث تشاء
وستبقى رغم كل شيء حبيبي...
الأحد ١٤ تموز ٢٠٢٤
ما عُدتُ...
ما عدت الماء الصافي
الذي يروي وردي من الجفاف
ما عدت الزهر المنثور
بل الجذر المبتور من الصفصاف
غابت جزيرتي مني
غابت ضفافي
بعدما كنت في قلب القلب
صرت على الأطراف
انا لا أعيش يومي دونه
بل إني أنجو منه كفافي
أنا نعجة هابت ذئبا جاهلا
لكن الشر كان في راعي الخراف
رسمته بدرا في شعري وشمسا
صوّرته كامل الأوصاف
وهبت له الروح والقلب كاملا
وليست هبتي في الهوى بأنصاف
تمنيت عليه أن يكون عادلا
فلا حب يكتمل بلا إنصاف
لم يكن لي في حياته يوما
ونذرت له نبض قلبي وشغافي
أنام وأصحو مناجية ربي
قلبي من حب معبودي أن يشافي
السبت ٢٧/٨/٢٠٢٤