📁 تدوينات جديدة

صُنّاع المستقبل | حسن امحيل

المغرب | حسن امحيل

يعتقد البعض أن الكتابة للأطفال هي زاوية ينزوي إليها أشباه كُتاب عجزوا عن الكتابة للكبار لافتقادهم للمهارات والأدوات الكافية، إنهم كُتاب "الدرجة الثانية" حسب اعتقادهم... إلا أنه في الحقيقة تعد الكتابة للصغار مسألة جوهرية معقدة، لا يخوض غمارها إلا كاتب مغامر، واعٍ بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، خاصة أنه يتوجه لعقول طرية، وما يغرسه فيها قد يؤثر إيجابا أو سلبا على المستقبل.

صحيح أننا نتطرق دوما لأزمة أدب الطفل من حيث قلة المنتوج ومحدودية الانتشار، إلا أنه قليلا ما نتحدث عن التحديات التي يواجهها كاتب قصص الأطفال، والتي تجعل مهمته صعبة مقارنة مع كاتب أدب الكبار، من بينها كما أسلفنا تلك النظرة الدونية واستسهال دوره في المجال الأدبي.

ويمكن في هذا الصدد وبإيجاز، إدراج إشكالات أخرى يواجهها كاتب قصص الأطفال:

أولاها، أنه يستهدف بكتاباته عينة في طور تعلم القراءة، وبالتالي تُطرح إشكالية اختيار اللغة التي سيكتب بها وفق رصيد لغوي محدود لم يتشكل بعد، في ظل تعدد مستويات اللغة واختلافها، خاصة وأن الهدف الأساسي هو تحقق الاستيعاب لدى الطفل، وإلا فلا معنى لِما نقدمه له إن كان يرزح في الغموض والإبهام.

ثانيا، هو يكتب لقارئ "صامت" غير ناقد لمنتوجه الأدبي... هو فعلا قارئ يستطيع أن يعبر عما يحب أو يكره، لكن غالبا دون القدرة على تبرير ذلك، وبالتالي لا يمكن للكاتب أن يستشف منه ما من شأنه أن يحفزه ويُحَسِّن من أدائه، في ظل افتقاد أدب الطفل لحركة نقدية جادة تتابع أداءه وتُوَجِّهه.

لن أخوض في مشاكل أخرى كالتي يواجهها كاتب الأطفال مع دور النشر والمعارض، إلى حين التطرق إليها مستقبلا في أحد ملفات الرائد لصحافة الطفل، لكن الأكيد أنها تحديات كثيرة تجعل مهمة الكتابة للأطفال أمرا معقدا...

نحن هنا لسنا بصدد التهويل والتحذير من خوض التجربة أو لنُثبط من العزائم، بل هدفنا هو رد الاعتبار لهذا النوع الأدبي على أنه لا يقل أهمية من أدب الكبار، ولبث الإصرار في النفوس على المحاولة تلو الأخرى...

كُتاب أدب الطفل، يكفيهم فخرا أنهم وبامتياز "صُنّاع المستقبل".

تعليقات