📁 تدوينات جديدة

قصيدتان للشاعرة خديجة إدريسي توراغتي: حبي لمحمد ﷺ ، هيام أرمل

خديجة إدريسي توراغتي
 

المغرب | خديجة إدريسي توراغتي

حبي لمحمد صلى الله عليه وسلم 

أيا من لم تره قط عيني

كيف رمقتُ سناك في ظلامي

إن ذكرتك اضمحل أنيني

فكنت سيدي حين أرسلت لك سلامي

الميم مودتي

والحاء حبي

ثم مذهبي ودوائي

هيام أرمل

هيامي صعب

إن عشقت مات

فاستروى، جف وعاد

أهذا عسر الحبيب أم ماذا؟

ألا أيها التائه في درب الهيام متى تصدح

متى تخترق المسافات وتفلح

متى تخترق الرياح والثلوج والنيران

متى تأتي وتعانق الكيان

وتهتف كلمة عشق من ثغرك هذا

إن كنت أحببتك فصمتي عبادة

مرتعبة أنا واللوعة تأجج في صدري

أخاف أم يطوف الهيام حولي

ويتركني في نيران لاهبة

كنيران الجمرة السابقة

محتارة إما أن أكون له عابدة

أم أبقى بطبعي صامدة

وأسكت آهاتي عمدا

وأقضي الليلة داعية ساجدة

مالي وحب الليالي

والبكم يسكت حسي

مالي والهيام القاسي

والبوح بالحروف والقوافي

لا عليك يا قلبي

فهذا قدري

هيام أرمل

وعشق أسود أعزل...

قراءة "أصداء الفكر"

القصيدة الأولى: "حبي لمحمد صلى الله عليه وسلم"

القصيدة الأولى للشاعرة خديجة إدريسي توراغتي تأتي في إطار التعبير عن الحب العميق والاحترام لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. تبدأ الشاعرة بالتعبير عن حبها الشديد للنبي على الرغم من أنها لم تره بعينيها، مما يعكس إيمانها العميق وشوقها الروحي. توظف الشاعرة الصورة الحسية، حيث تتحدث عن "سناك في ظلامي"، لتبرز كيف أن ذكر النبي يمحو كل الألم والأنين. هذا الحب يتحول إلى وسيلة للطمأنينة والراحة، وهو ما يظهر جليًا في قولها: "فكنت سيدي حين أرسلت لك سلامي".   

القصيدة تتألف من كلمات بسيطة لكن ذات دلالات عميقة. الشاعرة تستخدم الحروف الأولى من اسم "محمد" لتشكل رسالة حب وتقدير، إذ تقول "الميم مودتي، والحاء حبي، ثم مذهبي ودوائي". هذه الحروف تجسد أسمى معاني المحبة والولاء للنبي، وتعكس التزام الشاعرة الديني والروحي تجاهه. يمكن القول إن القصيدة تعبر عن تجربة روحية خالصة، حيث يمثل الحب للنبي نوعًا من العلاج النفسي والروحي للشاعرة.

القصيدة الثانية: "هيام أرمل"

القصيدة الثانية "هيام أرمل" تأتي بمضمون مختلف تمامًا، حيث تبرز فيها الشاعرة مشاعر الحب العاطفي القاسي والمعقد. تبدأ القصيدة بتصوير حالة من الحيرة والضياع، حيث تصف الشاعرة الحب بأنه "صعب" ويتلاشى بمجرد أن يتحقق. هذه المشاعر المتناقضة بين العشق واليأس تعكس حالة من الانفصال الداخلي والصراع العاطفي.

القصيدة تتناول موضوع الحب من منظور فلسفي ومعنوي، حيث تتساءل الشاعرة عن طبيعة هذا الحب الذي يجعل المحب يتألم ويتساءل: "أهذا عسر الحبيب أم ماذا؟"، في محاولة لفهم المشاعر والبحث عن معاني الحب الذي يتجاوز كل الصعاب والمسافات. مشاعر الشوق والعذاب تتداخل مع مشاعر الفرح والرضا، وهو ما يجعل القصيدة مليئة بالتوتر العاطفي.

في الجزء الأخير من القصيدة، اتخاذ موقف واضح من المشاعر، حيث التعبير عن الرغبة في التمسك بالصمود والسكوت، مع تحمل عذابات الحب دون البوح بها. تظهر شخصية القصيدة بموقف قوي وعميق رغم العواطف الجياشة التي تشعر بها، حيث تقول: "مالي وحب الليالي، والبكم يسكت حسي"، مما يعكس قدرتها على التحكم في مشاعرها وتجاوز الصعاب.

خاتمة 

القصيدتان تقدمان وجهين مختلفين للحب، الأول هو حب روحي عميق للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والثاني هو حب عاطفي معقد مليء بالتناقضات. من خلال هاتين القصيدتين، تظهر الشاعرة خديجة إدريسي توراغتي قدرتها على التعبير عن مشاعر متعددة ومعقدة، مستخدمة أسلوبًا شعريًا بسيطًا ولكنه قوي ومعبر.

تعليقات