📁 تدوينات جديدة

عين على شعر الأطفال‎‎ | نيفين القدة

عين على شعر الأطفال‎‎ | نيفين القدة
 سوريا | نيفين القدة

إذا كان الطفل قد تلقى من الجدة القصص والحكايات، فإن ذهنه كان خاليا تماما من الأبيات الشعرية التي تتناسب وعمره، والسبب يعود إلى الشعراء وواضعي الملاحم الشعبية الذين كانوا يضعون في اعتبارهم أن ما يكتبونه هو للكبار دون سواهم. ولقد كان الصغار يقطعون جزءا من ليالي سمرهم وهم يستمعون إلى أدب الكبار لالتماس البطولة والمثل العليا والمغامرة فيما يستطيعون سماعه وفهمه إذ كان يشق عليهم ذلك لعدم امتلاكهم المقدرة العقلية الكفيلة بالاستيعاب.

 ومع الانفتاح على أوربا، ابتدأ الشعراء العرب الكتابة للصغار بتمهل، وككل فن جديد لابد أن تكون المحاولات بدائية، لذا نستطيع القول أن معظم الأناشيد المدرسية والقصائد الأولية كانت سردية متخذة من الوضوح سمة مميزة لها، وقد استمدت موضوعاتها من البيئة الاجتماعية والأحداث التاريخية، والحديث حول الوالدين واحترام المعلم وقصص الحيوانات... مما شدت به قريحة الشعراء الأوائل من أمثال أحمد شوقي الذي استفاد من قصص لافونتين الفرنسي وابن المقفع. ثم وقف على رأس قائمة الشعراء المجددين للأطفال الشاعر سليمان العيسى الذي يعد رائدا في هذا الفن، حيث أغنى المكتبة العربية بما يزيد عن 100 قصيدة ومسرحية شعرية، استطاعت ان تسد خصاصا كبيرا في هذا المجال، كما أنها وضعت بين يدي الطفل مادة شعرية دسمة بأسلوب شاعري شفاف، تتجلى فيها أصالة التراث وروح الحداثة.

وحاليا، يمكن إجمال سمات شعر الأطفال الحديث في النقط التالية:

- ظهور الموسيقى في معظم القصائد لتأثرها بالشعر العربي الكلاسيكي الموزون والمقفى بالرغم من لمسات التطور.

- الاعتماد على الصور الحسية الحركية لأنها تكسب القصيدة الطفلية أبعادا حية تزيد في تأثيرها وتعبيريتها.

- لجوء معظم الشعراء إلى تقديم قصائد جديدة في مضمونها وموضوعاتها، والإقدام على إضفاء الصفات الإنسانية على الحيوانات وتحريك الجوامد واستلهام الواقع من خلال لوحات وجدانية تحرك في أعماق الطفل النوازع الإبداعية والإنسانية والوطنية.

- بروز قصائد شفافة تستمد مفرداتها من قاموس الطفولة الخاص، فجاءت الكلمات رقيقة معبرة مما سهل على الطفل حفظ العديد من القصائد التي تنشرها بعض المجلات والصحف المتخصصة.

ختاما، يمكن القول أن أدب الطفل، والشعر بشكل خاص، لم يعد أدبا للمواعظ والحكم كما كان في بداياته، وإنما أصبح أداة أساسية في بناء شخصية قادرة على مواجهة المستقبل. وكان لمجلات الأطفال فضل في التشجيع على كتابة الشعر، ومن تم قراءته والإقبال عليه.

...........................................

المرجع: رحلة في شعر الطفولة، محمد قرانيا، المجلة العربية ع 101 (بتصرف)

تعليقات