📁 تدوينات جديدة

أطفالنا والشاشات: نصائح للأولياء / ليلى عمامو

أطفالنا والشاشات: نصائح للأولياء / ليلى عمامو
 تونس / ليلى عمامو 

عصرنا أصبح مليئا بالشّاشات المتنوعة، وساهمت التكنولوجيا الحديثة في تقريب البشر من بعضهم، فأصبح العالم قرية صغيرة يمكن التحدث والتواصل بسهولة بين سكان بلاد مختلفة.

ولم تنعكس هذه التغيّرات على حياة الكبار فحسب، بل تأثّر كذلك الأطفال نتيجة التّطوّر السّريع للتكنولوجيا وهيمنة الشّاشات على حياتنا.

 فالتّلفاز مثلا، يُعدّ في أيّامنا هذه أثاثا من أثاث البيت، بل هناك من يكسب جهازين، ثلاثة أو حتّى أكثر… حسب عدد الغرف.

 كذلك الحاسوب المكتبيّ أو الحاسوب المحمول، صار من أولويّات العائلات لأنّه يمكّن أفراد العائلة وخاصّة الأطفال من إنجاز بحوثهم المدرسيّة، لا سيّما باستعمال الأنترنت، هذه الشّبكة العنكبوتيّة التي تفتح نافذة شاسعة على العالم وتتيح المعلومات للجميع.

 بفعل العولمة وزيادة الطلب على المنتجات التي تنتجها المصانع باستخدام التكنولوجيا الحديثة، زادت أعداد الهواتف الذكية بأسعار منخفضة، مما جعلها متاحة لعدد كبير من الناس ، وهذا التطور أثر على حياة البشر، بمن فيهم الأطفال.

 إنّ سلوك الأولياء ينعكس ضرورة على سلوك الأبناء، فعندما يتعلّق الكبار بهواتفهم المحمولة إلى درجة الإدمان أو حتّى التّشبّث به كشيء شخصيّ لا يمكن الاستغناء عنه، فهذا يُلاحظ من قبل الصّغار ويسعون لتقليدهم.

 فالهاتف الذّكيّ يُوفّر العديد من فرص الاستمتاع من خلال اللّعب الإلكترونية، التّطبيقات ذات البعد التّعليمي أو التّرفيهي، الفيديوهات، الأفلام... وهذا يساهم في جعله وسيطاً محبوبا ومرغوباً لدى الجميع.

 في المقابل، أصبح العديد من الأولياء يشكون من مدى تعلّق أبنائهم بهذه الشّاشات المختلفة، وهذا على مختلف مستوياتهم الاجتماعيّة أو التّعليميّة.

 مؤكّد أنّ الحلّ لا يكمن في إبعاد الشّاشات عن الأطفال، فمثل الكتاب الذي أحدث نقلة نوعيّة في حياة الإنسانيّة، تعتبر الشّاشات من الوسائل المتاحة للإنسان لتطوير حياته. فعليه، من الأجدر إرشاد الأولياء حول كيفيّة استعمال الشاشات مع أبنائهم عوض العمل على منعهم منها كلّيّا.

 ولكن من المهمّ أن نشير إلى أنّ أغلب العلماء والأطبّاء النّفسيّين قد اتّفقوا على أنّه لا يجب تعريض الأطفال دون 3 سنوات للشّاشات ، لأنّه في هذه المرحلة العمريّة يكتسب الطّفل مهارات حسّيّة حركيّة عبر التّفاعل المباشر مع محيطه، كما أنّ قدراته الإدراكيّة والعقليّة تتطوّر نتيجة التّواصل المباشر مع البيئة والأشخاص الواقعيّين الذين يتعامل معهم. وإذا ما تعرّض الطّفل دون 3 سنوات للشاشات فستتعطّل لديه كلّ هذه العمليّات المسؤولة عن نموّه الجسدي والعقلي السّليم.

 من بين النظريات البارزة المتخصصة في دراسة العلاقة بين الطفل والشاشات، تأتي نظرية سيرج تيسرون Serge Tisseron، والتي تنص على تقديم نصائح متعددة للأولياء وفقًا للأعمار ، وقد أطلق عليها اسم "قاعدة 3-6-9-12".

 وفيما يلي تلخيص لهذه التّوجيهات التي من شأنها أن تكون عونا للآباء والأمّهات لمواجهة التّحدّيات التي تواجههم على تربية أبنائهم في عالم الشّاشة.

يوضح سارج تيسرون أن الطفل دون ثلاث سنوات في حاجة إلى تكوين معالم فضائية وزمنية. لذلك ينصح بعدم تعريض الطّفل في هذا العمر للتّلفاز أو لأقراص فيديو رقميّة بما أنّ لهم انعكاسات سلبيّة عليه لا محالة. أمّا بالنّسبة للألواح الإلكترونية فلا يعتبرها ذات أولويّة، ولكن يمكن استعمالها كتكملة للألعاب التّقليديّة، مع تأكيده على ضرورة مرافقة الآباء لأبنائهم أثناء الاستعمال.

 أمّا بالنّسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 6 سنوات، يذكّر الكاتب أنّ الأطفال في هذا العمر محتاجون لاكتشاف قدراتهم الحسّية واليدويّة. يوصى الوالدين بعدم وضع التلفاز أو الحاسوب في غرفة الطفل، كما يجب تحديد قواعد حول عدد ساعات مشاهدة التلفاز وفقًا لإرشادات العمر المُعتمدة لبعض البرامج. في الحقيقة، يوجهنا إلى اختيار ألعاب الفيديو الجماعية التي يُمكن أن تُناسب اللعب مع العائلة واستخدامها لنقل بعض المعلومات للأطفال.

 بين 6 و9 سنوات، يحتاج الطّفل لاكتشاف قواعد ألعاب الطّاولة. كذلك، لا يجب وضع تلفاز أو حاسوب في غرفة الطّفل الخاصّة. كما يجب على الأولياء ضبط ساعات مشاهدة التّلفاز مع مراعاة إشارات السّنّ المُبيّنة على فئة من البرامج. من المستحسن أيضًا استخدام وحدة الألعاب في غرفة المعيشة. يمكن الاستفادة من هذه الفرصة لتوعية الأطفال حول مخاطر الإنترنت في سن مبكرة. يجب على الآباء أن يدركوا أهمية حماية خصوصية أبنائهم وحقهم في عدم مشاركة الصور بشكل عشوائي مع استخدام الوالدين الوسائل الاجتماعية بانتظام،، حيث يمكن أن تنجم عن ذلك عواقب خطيرة. فمُهمّ أن نهيئ طفلاً واعيًا ومسؤولاً.

 بالنّسبة للذين أعمارهم بين 9 و12 سنة، الطّفل في هذه المرحلة محتاج لفهم ما تتّسم به الحياة من تعقيد. يجب كذلك المحافظة على تحديد ساعات مشاهدة التلفاز، كما ينصحنا (تيسرون) بالنّقاش والاتّفاق مع طفلنا حول العمر المناسب الذي سيكون له هاتف جوّال خاصّ به.

 كما يجب أن نذكّره دوما بالخاصّيّات الثّلاثة للأنترنت ألا وهي:

 1) كلّ ما نتقاسمه يمكن أن يصبح مُتاحا لعموم النّاس.

 2) كلّ ما نضعه يدوم للأبد.

 3) يجب التّثبّت من المعلومات المتوفّرة على الشّبكة: فبعضها صحيح وبعضها خاطئ.

 أمّا بالنّسبة للأطفال فوق 12 سنة، فهُمْ يبدؤُون في تجاوز المقاييس العائليّة. في هذا العمر، عادةً ما يسبحون على النت لوحدهم. ولكن على الوليّ أن يضبط الأوقات، فمثلا يُمنَع الاتّصال الليلي الغير محدود بالأنترنت لا سيّما في غرفة الطفل الشخصيّة، كما يجب على الأولياء التّحدّث مع أبنائهم حول التّحميل، السّرقات المعرفيّة، الإباحيّة، المضايقة والتّحرّش. من الأفضل تحديد استخدام الشاشات والسعي دومًا لاختيار البرامج، وتشجيع أبنائنا على مناقشة ما شاهدوه وعاينوه.

 وفي الختام، يجب علينا تحفيز الأطفال ، سواء في الأسرة أو في البيئة الثقافية أو المدرسية، على تعلم الأخلاق والإبداع الرقمي عبر استخدام شاشة واحدة لمجموعة من الأطفال. من خلال ذلك ، سيكون هناك فرصة للصغار للتفاعل والتبادل وإبراز مواهبهم الفريدة، مما سينتج عنه عملاً رقميًا تشاركيًا ومبتكرًا.

تعليقات