📁 تدوينات جديدة

أقفال مؤصدة︱قصة: عبد الإله بوزين

أقفال مؤصدة︱قصة: عبد الإله بوزين

 أقفال مؤصدة 

عبد الإله بوزين/ المغرب 

لمّا أعدموا حريّتَه وراءَ القضبانِ، وأقفلوا أقفالَ الزنزانةِ المؤصدةِ عليه، أحسَّ بالخوفِ والحزنِ في آن واحد، ثمّ انكبَّ على وجهِهِ ولعنَ الدنيا بمن فيها. قَهَرَهُ الظّلمُ وغرزَ في صدرِهِ أكثرَ من سهمٍ قاتلٍ، حيثُ شعرَ أن يلبثَ وراءَ القضبانِ أبدَ الدهرِ، ولن يَرى نور الشّمسِ حتى يومَ الإعدامِ.

أقفال مؤصدة︱قصة: عبد الإله بوزين

حينَ غاصَ في النّعاسِ مُتناسيّاً الْحبلَ الذي ينتظرُه نهايةً، جاءَ الحارسُ البدينُ ذو الْكرشِ الْمذلوقةِ يُخرششُ مفاتيحَ البابِ ويضربُ عصاه بالْقضبانِ مُذكراً إياه بساعة الإعدامِ.

هكذا صار وجعُ الظلمِ يفترسُ دواخلَهُ. مسجونٌ بغيرِ ذنبٍ، والْمذنبُ طَليقٌ يتمتعُ بحريته. أثناءَ هذا الألم الذي كان يشعرُ به بعد أنْ أدخلوه السّجن بتهمةِ الْقتلِ العمدِ، تذكّرَ ثمنَ الْحريّةَ التي كان لا يأبه بها ولا لها، تذكرَ كم من مرة دعا لنفسِهِ بالسّجنِ في لحظةِ الغضبِ، وتذكرَ وتذكرَ...

أقفال مؤصدة︱قصة: عبد الإله بوزين

افترشَ الأرضَ واستسلمَ لقدرِه دون أنْ يذكرَ ربَّهُ، فأخذتْهُ غفوةٌ كأن اللهَ أماتَهُ مئةَ عامٍ ليُظهرَ له قدرتَهُ، فلمّا استفاقَ ممّا رأى في المنامِ، ابتسمَ كمن يتهكّمُ منَ السُّجانِ، وقال: «لا غالب إلا الله، ولا ناصر للمظلوم إلا هو.»

وصلتْ لحظةُ الْإعدامِ وألْبسوهُ حبلَ المشنقةِ وهو مبتسمٌ تكادُ عيناه تبرقان من الفرحِ، كأنما ألبسوه جُبّةَ العريسِ.

حينَ ربطوا الْحبلَ وصار أقرب من وَتَرِ الْقوسِ إلى كَبِدِها، تَنقُصهُ دفعة واحدة ليقعَ في حفرةِ الْموتِ، ردد في قرارةِ نفسه "لا ناصر إلا الله"، فإذا بشهيدين اقتحموا السّاحةَ وأثبتوا براءَتَهُ أمامَ الحضورِ، فأطلقوا سراحَهُ، وأعدموا الْقاتلَ الْحقيقيَّ بعدَ أنْ تمّ الْقبض عليه في الدّيارِ الخارجيّةِ.

أقفال مؤصدة︱قصة: عبد الإله بوزين

كلمة "أصداء الفكر"

تجسد قصة "أقفال مؤصدة" تجربة الظلم والمعاناة خلف القضبان، حيث يعيش البطل بين الخوف واليأس، محاصرًا في زنزانته بانتظار الإعدام. القصة تسلط الضوء على قسوة الحياة داخل السجن، وتكشف عن التحول العميق في وعي البطل الذي يدرك في النهاية قوة الإيمان والصبر. النهاية الدرامية تُظهر العدالة الإلهية حين يتم إنقاذ البريء في اللحظة الأخيرة، مما يبرز قيمة الأمل والاعتماد على الله في أصعب الظروف.

تعليقات