صبوة
المغرب | زهرة أحمد بولحية*
فرشت تحت قدميكِ العتب
هروبا من قضائي
كلما اقتربت من أسواركِ
الأقفال الزاهدة... تغوي إغوائي...
لا تفتحي جرحي
لا تمزقي ردائي...
لا تغوي شقائي...
نكبتي أني نجم في مداك
مآله أن يدور... لتعيده الأهواء الى منفاكِ...
على قواميس العشق
رقمت صبوتي
غريبة
كغربة الدمع في الأحداق...
كل تقاطيعها رعشة شك
تغتال نشوة الخيال الدفاق
حين يصيدني بوصلك
وما وصلك الا أضغاث إشراق...
أسلكه عندا في بعدكِ
والبعد في عرف الهوى كالإغراق...
إذا التجافي نسج خيوطه لئيمة
فلأن له بعد الثنائي
غزل تلاقٍ...
خفيفي عني القيد
الذي يثقل صبوتي
تنوء معشوقة... تنكب أشواقي...
قراءة "أصداء الفكر"
في قصيدة "صبوة" للشاعرة المغربية زهرة أحمد بولحية، تتحول المشاعر إلى كائناتٍ هائمة تَعبر العتبات نحو مدنٍ ضبابية لا تعرف اليقين. هنا، نجد العاشق محاصرًا بين جدران أسطورية، حيث الأقفال ليست سوى ظلالٍ تختفي في أفقٍ من الإغواء. كل خطوة نحو الحبيبة تصبح مغامرة في متاهة من الأحاسيس المتضاربة، حيث الجرح يرفض أن يُفتح، والصبوة تنمو كزهرةٍ برية في أرضٍ من النسيان.في هذا العالم الشعري، النجمة التي تدور في فلك الحبيبة ليست إلا رمزًا للضياع،
لدوامة من العواطف التي لا تعرف الاستقرار. المعاني تتساقط كأوراق الخريف، تلتقطها
الرياح لتسافر بعيدًا، تاركة العاشق في حيرةٍ بين الرغبة في الوصول والخوف من الانكسار.
كل كلمة في هذه القصيدة تخبئ خلفها عالماً من الشكوك، كأن الحروف تتآمر مع الظلال
لتغتال لحظات السعادة العابرة. الوصل هنا ليس سوى سراب، يراوغ العاشق في رحلةٍ سرمدية
نحو اللاشيء. الصبوة تتحول إلى قيدٍ شفاف، يلتف حول القلب كنسيمٍ يحمل معه ثقل الذكريات
وأشواك الشوق التي لا تُنسى.
بهذا، تسافر القصيدة إلى ما وراء الواقع، لتجعل من الحب تجربةً تعكس الصراع
الأبدي بين الرغبة والابتعاد، بين الوصل والفقدان.