📁 تدوينات جديدة

وطني، قصيدة للشاعرة المغربية سعاد بازي


المغرب | سعاد بازي 

وطني... 

الوطن* الذي في خلدي ووجداني 

الوطن العامر الذي أحمله كاسمي 

في وطني طمأنينة الفجر 

في وطني لا أملك زمام الحب 

ولا الربع الرابع من قلبي يتحرر 

لا الملاذات تغريني 

ولا حبه يرميني خارج المدارات 

أستجلي فتنة بلادي 

إن جُلت بين آثارها 

إن ملأت دلائي من آبارها 

كلما جربت الأجنحة وغادرت 

يمسكني الحنين من ياقتي 

يعيدني إلى عقر الوطن 

لأصبح قمرا بلا ندوب 

لأكون حديقة بأشجار وحفيف واخضرار 

لأغتسل بالنور

لأزرع الأغنيات والأشعار 

لأرى الحصادين والصيادين

لأرى السرب والقطيع

وأرمي الذئاب خارج حدود الوطن

أصابعي التي تجيد حياكة علم الوطن أقبلها ثلاثا

كالقرآن

أصابعي التي حاكت يوما ما ملابس لدمى القصب

تكتب اليوم رسائل استغفار

لتخف حمولة الأخطاء

لتعتدل الكفة

على عرش وطني

يتربع ملك يذود عن كل شبر من أرضه

سند وظهر لأمته وشعبه

مسؤول عن رعيته

في وطني رعية 

يرفعون أكفهم العريضة

 يدعون له

بالنصر

بالتمكين

بقصر في الجنة

يجددون البيعة لملك خصاله بادية للعلن

تصرخ بأعلى صوتها وصمتها

رعية لا تتنصل من الشعار الثلاثي

الله الوطن الملك

قراءة "أصداء الفكر"

في قصيدة "وطني" للشاعرة سعاد بازي، نشهد انسيابًا شعريًا ينسج بين لوحة تعبيرية عميقة تتحدث عن حب الوطن. تقدم الشاعرة سعاد بازي لنا صورة عن الوطن ليست كجغرافيا ثابتة، بل كحالة روحية مفعمة بالحياة، تنبض في وجدانها وخلدها، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتها.

من خلال الطمأنينة التي يبثها الفجر، ترسم الشاعرة مشهدًا هادئًا وساكنًا للوطن الذي يحمل في طياته سكينة غير مألوفة، لكنه في الوقت ذاته يحمل قيدًا عاطفيًا يصعب التحرر منه، حتى ولو كان مجرد جزء صغير من القلب. تظهر لنا الشاعرة كيف يمكن للوطن أن يصبح قوة مغناطيسية تجذبها بعيدًا عن أي مغريات أخرى، متجاوزة حدود المادي إلى ما هو أعمق وأبقى.

عبر رحلتها بين آثار الوطن وآباره، تفتح لنا الشاعرة أبوابًا على عوالم مليئة بالأمل والحنين، حيث تصبح الأجنحة وسيلة للتحليق بعيدًا، لكنها سرعان ما تعيدها إلى الوطن بفعل قوة الحنين، لتجد نفسها في قلب الوطن كقمرٍ بلا ندوب، مليء بالنقاء والصفاء. 

الشاعرة تتماهى مع عناصر الطبيعة في وطنها، لتصبح حديقة خضراء مليئة بالأشجار والحفيف، تغتسل بنور الوطن لتزرع الأغنيات والأشعار، وترى الحصادين والصيادين وهم يعملون في تناغم مع الطبيعة. ترمي الذئاب خارج حدود الوطن، في إشارة إلى الحماية والدفاع عن نقاء هذا المكان المقدس المتماسكة مكوناته.

*القصيدة بمناسبة عيد العرش 2024

تعليقات