مقدمة
في عالم الشعر، نجد الكلمات تسافر بين الأحاسيس والمشاعر، تستحضر الذكريات وتنقلنا إلى عوالم خيالية مليئة بالجمال والحب. اليوم نقدم لكم ثلاث قصائد للشاعرة السورية شاديا عريج، التي تأخذنا في رحلة عبر جمال اللغة وعمق المشاعر.
سحر عينيْك
شكوتُ أمري للسماءِكيفَ – يا أنتَ –
تمكنتَ من اختصارِ
كُلِّ البشر؟
كيفَ لضحكتكَ والابتسامةِ
أن تجعلني أسلو السماء؟
شمسَها وقمرَها
نجومَها وضياءهَ
وليلَ السمر
غفلتُ الأرضَ
وأوراقَ الشجرِ
وزغردةَ العصافير
وندى الوردِ
وحبات المطر
حبي لك َ مدى الحياةِ
سحرٌ يفوقُ الخيال
فالقلبُ لك عند التنائي
وروحكَ الصفاءُ
عندَ الكدر
وإن ظفرتُ بالفانوسِ السحريِّ
وانبجسَ ساكنهُ قائلاً:
اطلبي ما شئتِ سيكونُ
بينَ يديكِ
من ذهبٍ ولؤلؤ
وياقوتٍ ودرر
لأعرضتُ عن الأشياءِ قاطبةً
وآثرتُ عينيكَ لأنَ
فيهما كل العِبَر..
ما بال الأحبة؟
غادروا ودمعُ العينِتَذرافاً على الثَّرى
قَد حَطُّوا في دارِ الحَنِينِ
رِحَالا….
عَهدُ الوَفَاءِ مَا انفَضَّ
ولا انتقضَ
جِدْ فِي دُناً لفيضِ شَوقِي مِثقَالا…
رِفْقاً بالأغْصَانِ الغضَّةِ…
إنَّ الشَّوقَ قلّمَهَا مَا عَادَ
أيّ لنسيمِ العمرِ ميّالَاً…
ما جَنحْنَا للهجْرانِ في طوعٍ
بحسبِنا مرحباً
وأهلاً لو غيابكم طالا…
هيهاتَ يٌهشَّم مَا بالمَحبَّة شُيِّد
بساتينُ القَلبِ وارفةٌ ظِلالا…
عَهداً علينا لنْ يخيبَ المُرتَجى
-أنتمْ البحرُ ولكم شراعي…-
ما بالُ الأحبَّةِ؟
ألَا إنَّ العُزوفَ
قَتَّالا…
أحجية أبجديتي
ها أنا أعود إلى ذكرياتيأحاولُ أن ألملم أشلائي…
وأنثر بعضاً من جراحاتي
في عالم النسيان…
بريشة الحب سأرسم وجودي
لتزدهي الحياة
بلون الفرح…
يا من يعتلي العرش
في شروق البدايات
وغروب النهايات…
وجودك جعلني أحل
ألغاز المتاهات…
وأنفاسك حللت وفككت
كل العذابات…
يا أحجية في قاموس أبجديتي
يتجول اسمك في غموض
كلماتي…
وهذيان أحرفي
دعني أغرق في بحرك
وأنت من علمتني كيف تكون السباحة…
وعلمتني أن أكون تلك الأرض المزهرة
بكل الفصول…
بعد أن كنت أرضاً
تتشوقُ حنيناً لنقطة مطر
تُحيي العروق العطاش…
في سنين قاحلة جرداء…
لقد رست سفينتي على
شواطئ بحرك…
وأنا الهائمة بصوتك
الذي يتهادى مع
سمفونية الماء
فهل يا ترى لبيت النداء؟
سحر عينيك
في هذه القصيدة، تتحدث الشاعرة عن قوة الحب وسحر العيون، كيف يمكن لنظرة واحدة أن تحتوي عالماً بأسره. تكشف شاديا عن مدى تأثير الضحكة والابتسامة في نسيان السماء والأرض وما بينهما، حيث يكون الحب هو السحر الذي يفوق الخيال.
ما بال الأحبة؟
في هذه القصيدة، تعبر الشاعرة عن ألم الفراق وحنين الأحبة الذين رحلوا، ولكنهم ظلوا في القلب والذاكرة. تستعرض الشاعرة وفاء المحبة بالرغم من البعد والهجران، حيث يظل الأمل حاضراً في قلوب المحبين كالبحر وشراعه، فلا ينكسر ما بُني على المحبة.
أحجية أبجديتي
في هذه القصيدة، تعود الشاعرة إلى ذكرياتها، محاولةً لم شمل أشلائها ونثر جراحاتها في عالم النسيان. تروي عن الشخص الذي جعلها تحل ألغاز الحياة، وأنفاسه التي فككت كل العذابات. تصف كيف أصبحت أرضاً مزهرة بعد أن كانت تتوق لقطرة مطر، وكيف رست سفينتها على شواطئ الحب.
تعكس هذه القصائد روعة الشعر وقدرته على التعبير عن أعمق المشاعر والتجارب الإنسانية، بأبجديةٍ تروي حكايات الحب والفراق والأمل.