قنديل يضيء
إلى الكوخ،
يدفعني الظلام!
نغمة موسيقية
تترامى بين يديه،
الفراشات!
خرير
من الجرح،
لا يزال يتصاعد الأنين!
خريف
يتعثر بالأوراق المتساقطة،
طفل صغير!
عبور آخر
على الجرف،
زهور برية!
طاحونة
هذه المرة الضجيج أكثر،
من حبات الخبز!
خريف
سقط الطائر،
وتستمر الرحلة!
أشعار: عادل عطية (مصر)
الهايكو
الهايكو، ذلك الشكل الشعري الياباني العريق،
يتميز بإيجازه العميق، حيث يعتمد على ثلاثة أسطر تلتزم تقليديًّا ببنية 5-7-5
مقاطع صوتية، مع تركيز على تصوير لحظة عابرة في الطبيعة، مصحوبة بإحساس بالدهشة أو
التأمل. يعتمد الهايكو على "الكيغو" (إشارة موسمية)
و"الكيريجي" (كلمة قطع توحي بالتفاصيل)، لكن في الترجمة أو الهايكو غير
الياباني، قد تتحول هذه العناصر إلى صور مكثفة وانزياحات مفاجئة تلامس الإنساني
والكوني.
قراءة في قصائد الهايكو لعادل عطية
في مجموعته هذه، يقدم الشاعر المصري عادل عطية
قصائد هايكو تتناغم مع الروح التقليدية للهايكو، مع إضافة لمسة شخصية تعكس رؤيته
للعالم.
قنديل يضيء / إلى الكوخ، / يدفعني
الظلام!
يصور الشاعر صراعًا بين النور والظلام، حيث يصبح
القنديل رمزًا للأمل أو الملاذ الآمن (الكوخ)، بينما الظلام قوة طاردة. الانزياح
هنا في تحويل الظلام إلى فاعل نشط ("يدفعني")، مما يعكس هيمنة القلق أو
الخوف على الذات.
نغمة موسيقية / تترامى بين يديه،
/ الفراشات!
الانزياح بين الموسيقى الملموسة ("بين
يديه") والفراشات العابرة يخلق مفارقة بين الإبداع البشري وهشاشة الجمال
الطبيعي. كأن الفن يحاول التقاط ما لا يُمسك، فيتحول إلى رمز للزوال.
خرير / من الجرح، / لا يزال
يتصاعد الأنين!
الجمع بين الصورة البصرية ("خرير")
والسمعية ("الأنين") يعكس استمرارية الألم، الجسدي أو النفسي. الانزياح
من "خرير" هادئ إلى "أنين" صاخب يكشف عن تعقيد المعاناة التي
تتجاوز السطح.
خريف / يتعثر بالأوراق المتساقطة،
/ طفل صغير!
مفارقة لطيفة بين الخريف، رمز الزوال، وطفلٍ
يلعب بتلقائية. السقوط ("يتعثر") قد يكون حرفيًّا أو استعارة عن دورة
الحياة، حيث البراءة تواجه حتمية التغيير.
عبور آخر / على الجرف، / زهور
برية!
الانزياح من خطر الجرف إلى جمال الزهور يلمح إلى
التوازن بين الهشاشة والقوة. العبور هنا قد يكون استعارة للحياة، حيث ينبت الجمال
حتى في أصعب الظروف.
طاحونة / هذه المرة الضجيج أكثر،
/ من حبات الخبز!
مفارقة ساخرة بين ضجيج الآلة (الطاحونة) وهدوء
الإنتاج (الخبز). قد تكون نقدًا للتقدم الصناعي الذي يطغى على بساطة القيم
الإنسانية.
خريف / سقط الطائر، / وتستمر
الرحلة!
رغم سقوط الطائر (رمز الفشل أو الموت)، تستمر
الحياة ("الرحلة"). الخريف هنا ليس نهاية، بل محطة في دورة الوجود، تعكس
تفاؤلًا خفيًّا.
خلاصة
قصائد عادل عطية تلتقط لحظات مكثفة، تتراوح بين
الألم والأمل، مستخدمةً الانزياحات البصرية والسمعية لخلق حوار بين الإنسان
والطبيعة. بلمسة شاعرية، يحوّل العادي إلى استعارة وجودية، متمسكًا بروح الهايكو
في التعبير عن الكوني عبر التفاصيل الصغيرة.