📁 تدوينات جديدة

سراديب القدر، قصة: وفاء الزايدي

سراديب القدر، قصة: وفاء الزايدي

إلى آخر الزقاق ينبعث نور خافت من ضوء الطريق الرئيسي. الجو بارد، برد الشتاء وظلمة الليل كفيلان بإخافة أي شخص.

"تق تق تق"، صوت كعبها العالي يدوي في وحشة أزقة المدينة العربي. يتمايل جسدها يميناً ويساراً، تتقاذفه جدران المنازل المتهاوية. لقد أثقلها الشرب هذه الليلة، رفضت كل العروض عبثاً ومنعت نفسها من الثمالة، لكنها استسلمت لشعور الضياع داخل ذاكرتها إلى أن طلب منها النادل المغادرة.

توقفت قليلاً ورفعت وجهها نحو السماء. بللت قطرات المطر وجهها الجميل، وتداخلت الأفكار في ذهنها. تهيأ لها أنها لو عاشت طفولة غير تلك الطفولة البائسة، لكانت الآن بين أحضان زوج محب داخل منزل دافئ، وأطفال يحملون ملامح وجهها الطفولي. "ليته لم يحدث ما حدث، ربما كنت طبيبة أو محامية..." تمتمت بهذه الكلمات وهي تعيد ترتيب شعرها الطويل الناعم.

عادت تتمايل بكعبها حتى أحست بثقل خطوات خلفها تتبعها. تمالكت نفسها وأرادت أن تستدير، حتى قذفت بها يدان ضخمتان إلى حائط متسخ تمازجت فيه روائح البراز والفضلات. رفعت رأسها فرأت رجلاً أربعينياً ذا لحية غير منتظمة تفوح منه رائحة السجائر الرخيصة. لوح بسكين صغيرة وداعب بها خديها وصولاً لرقبتها، وطلب منها أن تعاشره بطريقة بذيئة.

عاد بها الزمن إلى تلك الليلة البائسة، مرت أمامها كل تلك اللحظات وهي طفلة السادسة من العمر بين أحضان مغتصبها، وهو ينهش شرفها دون رحمة. اقتربت من قاطع الطريق وهمست في أذنه وأصابع يديها تداعب أعلى السكين، "أنا من أريدك بأكثر الطرق وحشية!"

قصة: وفاء الزايدي (تونس)

وفاء الزايدي


تعليقات