اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف: ضرورة التدبير المستدام للأراضي¹
احتفل المغرب، على غرار باقي المجتمع الدولي،
يوم الاثنين 17 يونيو 2024 باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، وهي مناسبة لتذكير
العالم بضرورة التدبير المستدام للأراضي، التي تعتبر من أثمن الموارد للإنسانية.
في الواقع، تأثير هذه الظواهر كبير جدًا لدرجة
أنه في كل ثانية تتدهور مساحة من الأراضي الصحية تعادل أربعة ملاعب كرة قدم حول العالم،
أي ما يعادل 100 مليون هكتار سنويًا. يعتبر التصحر وتدهور الأراضي والجفاف من بين التحديات
البيئية الأكثر إثارة للقلق في عصرنا، حيث يُعتبر نحو 40% من سطح الأرض العالمي متدهورًا.
يساهم اتساع هذه الظواهر بشكل كبير في انهيار
التنوع البيولوجي، مما يستدعي الحاجة الملحة لإدارة مستدامة للأراضي وتطوير الموارد
الحرجية. وتحت شعار "متحدون من أجل الأراضي: إرثنا ومستقبلنا"، يركز اليوم
العالمي لمكافحة التصحر والجفاف هذا العام على مستقبل تدبير الأراضي ويهدف إلى تعبئة
جميع مكونات المجتمع لضمان إدارة مستدامة لها.
يمثل هذا الاحتفال أيضًا فرصة لتسليط الضوء
على أهمية إشراك الأجيال الحالية والمستقبلية لوقف وعكس الاتجاهات المقلقة وتحقيق الالتزامات
العالمية الهادفة إلى استعادة مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، أوضح الأمين التنفيذي لاتفاقية
الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (CNULCD)،
إبراهيم ثياو، أن "ما يصل إلى 40% من أراضي الكوكب متدهورة بالفعل، مما يؤثر على
ما يقرب من نصف البشرية. ومع ذلك، هناك حلول متاحة". وتتمثل هذه الحلول بشكل خاص في استعادة الأراضي، مما يتيح للسكان
الخروج من دائرة الفقر وتعزيز مقاومة التغيرات المناخية. وأشار إلى أنه "حان الوقت
للاتحاد من أجل الأراضي ورفع البطاقة الحمراء لفقدان وتدهور الأراضي في العالم".
في المغرب، يؤثر التصحر، الذي يتفاقم بفعل
التغير المناخي، بشكل كبير على التنوع البيولوجي المحلي. وعيًا بمخاطر هذا الظاهرة
وتداعياتها البيئية والاجتماعية والاقتصادية، كان المغرب من أوائل الموقعين على اتفاقية
الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، التي صادقت عليها في عام 1996، واعتمد خطة العمل الوطنية
لمكافحة التصحر في عام 2001.
وفي حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء،
أوضح الخبير في التغير المناخي وإزالة الكربون، ياسين الزݣزوتي،
أن المغرب، على غرار الدول الأخرى في منطقة شمال إفريقيا، يقع في سياق شبه جاف إلى
جاف، مما يجعله بلدًا ذا بتساقطات قليلة ويعاني من جفاف مستمر ودائم.
كان تأثير هذه الحالة واضحًا بشكل خاص على
عدة مستويات، بدءًا من احتياطيات السدود التي لم تتجاوز 31.79% في 3 أبريل 2024، مما
أثر مباشرة على إمدادات المياه في المناطق الزراعية الكبرى. وأشار إلى أن إدارة هذا
الجفاف معقدة، خاصة بسبب التأثيرات الخارجية مثل التغيرات المناخية والاضطرابات الجيوسياسية،
التي تفاقم الظاهرة المناخية وآثارها.
رغم هذه التحديات، أكد الزݣزوتي أن
المغرب تمكن من التغلب على هذه الوضعية المقلقة التي تهدد الأمن الغذائي للعديد من
دول المنطقة. وفي هذا السياق، أشار الخبير إلى أنه على الرغم من الجفاف المستمر في
السنوات الست الماضية، نجح المغرب، بفضل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد
السادس، في ضمان أمنه الغذائي، مشددًا على أن جلالة الملك دائمًا ما وضع الأمن الغذائي
في صميم الأولويات الاستراتيجية للمملكة.
فيما يتعلق بالحلول الواجب تبنيها، أكد الزݣزوتي أن
المغرب، بصفته فاعلًا نشطًا في المجتمع الدولي، التزم منذ فترة طويلة باتخاذ تدابير
التخفيف والتكيف للحد من آثار التغير المناخي، خاصة فيما يتعلق بالتصحر.
كما التزم المغرب بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة
الـ17 للأمم المتحدة، لا سيما تلك المتعلقة بإدارة حالات الجفاف. ويرى الزݣزوتي أن
هذه الاستراتيجيات والأهداف تحتاج إلى أن تُفصَّل على المستوى المحلي والإقليمي ويجب
دمجها في خطط العمل البلدية وكذلك في خطط التنمية للمناطق. وأضاف أن هذا الدمج سيؤدي
إلى العديد من الاستراتيجيات والمشاريع التي تدعو إلى اتخاذ تدابير مواتية لمكافحة
الجفاف، مثل ترشيد واستخدام المياه بكفاءة.
وأوضح الزݣزوتي أن
تطبيق هذه الاستراتيجيات على المستوى المحلي سيمكن أيضًا من توعية المزارعين بالممارسات
الزراعية الجيدة التي يمكن أن تقلل من استهلاك المياه، من خلال إظهار تقنيات إعادة
التدوير وإعادة استخدام المياه لهم، وكذلك أنواع المحاصيل التي تتطلب كميات أقل من
المياه وتلك التي يمكن أن تتحمل الجفاف.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتفال باليوم العالمي
لمكافحة التصحر والجفاف، الذي أُعلن رسميًا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في
عام 1994، يهدف إلى توعية الشعوب بالمشكلات المتعلقة بالتصحر وتدهور الأراضي والجفاف،
وتسليط الضوء على الحلول التي ينفذها الإنسان لمنع التصحر وعكس اتجاه زيادة الجفاف،
وتعزيز تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.