📁 تدوينات جديدة

أي مستقبل لصحافة الطفل في الوطن العربي؟

 من المسلم به أن الطفل يحتاج وهو في سنوات نموه الجسدي والفكري والعقلي إلى جملة من الأدوات التربوية التي تساعده على تكوين شخصيته، مثل الألعاب المختلفة وكذلك الكتب والمجلات. ولكل مراحلة من مراحل نمو الطفل لعبها ومجلاتها وكتبها. وقد فهم الغرب هذه الجوانب جيدا فلا تكاد تخلو المكتبات عندهم وكذلك أكشاك بيع الصحف والمجلات من ألعاب متطورة ومجلات وكتب تلفت انتباه الطفل، حيث يبذلون مجهودا كبيرا في إخراج هذه المنشورات وهم يولون الاهتمام لتقنية الصورة بنسبة أكبر من النص، لأن الصورة تشد اهتمام الطفل أكثر من الكلام المكتوب... وبقدر ما تقدم الغرب في صناعة كل ما هو ثقافة ومجلات موجهة للطفل  بقدر ما نلاحظ أننا مازلنا في العالم العربي في حاجة إلى بذل مجهود أكبر من أجل أن تكون للطفل العربي مجلات وكتب تشد اهتمامه وتساعد على تكوين شخصيته. ولعل تجربة مجلة الرائد هي من أبرز التجارب الحالية التي تستحق التنويه والإشادة، فهي تجربة جديدة وعميقة وناجحة، بخلاف العديد من التجارب العربية الأخرى التي نراها في حاجة ماسة إلى المراجعة. ثم إن ما يلفت الانتباه حقا هو أن أغلب البلدان العربية اليوم لا تتوفر بها مجلات موجهة للأطفال حسب أعمارهم، وهو أمر غريب ويستدعي من المسؤولين ووزارات التربية والثقافة الانشغال بهذا الموضوع... فكيف يمكن لنا أن نعد أجيالا للمستقبل في غياب صحافة موجهة للطفل؟

أليس من الغريب أن نقول أن بلدانا عربية كثيرة ومنها بلدي تونس كانت تتوفر بها أكثر من مجلة موجهة للطفل على غرار المجلة الأشهر التي رافقتنا جميعا في طفولتنا وشبابنا وهي مجلة (عرفان) التي عاشت لمدة تزيد عن أربعين سنة، ومجلة (الرياض) التي كانت تصدرها منظمة المضائف، ومجلات (قوس قزح) و(فراشة)، وقبل ذلك مجلة (شهلول) التي كانت موجهة إلى من هم في رياض الأطفال. ثم مجلات مثل (قطاف الإتحاف) و(براعم الوسط) التي أصدرتها شخصيا إلى جانب المجلة الأم (مرآة الوسط) ومجلة (قطر الندى)...

هذه المجلات غابت اليوم كلها، حتى تكاد تونس اليوم تخلو من مجلات الأطفال. وفي الشرق، هناك تجربة منشورات دار الهلال مثل مجلات سمير ومجلات العربي الصغير ومجلة ماجد الشهيرة. ولكن ما يلاحظ أن مضامين هذه المجلات في حاجة كبيرة إلى المراجعة، فهي مجلات يكتبها الكبار للصغار ويغلب عليها الكلام، في حين أن المطلوب اليوم هو تكوين جيل جديد من كُتاب مجلات الأطفال وإشراك الأطفال أنفسهم في كتابة هذه المجلات. ولقد قمت شخصيا بهذه التجربة في مجلة (براعم الوسط) وكانت تجربة ناجحة.

إننا نتساءل اليوم في ظل تعدد الوسائط، أي مستقبل لصحافة الطفل في الوطن العربي؟ فالهواتف الجوالة أصبحت بحوزة كل طفل، ولابد أن نستفيد جميعا من هذه التقنيات في زمن الذكاء الاصطناعي لإعادة النظر في مضامين المجلات المقدمة للطفل. ثم إن زمن الورقي اليوم في تراجع، والمطلوب هو التفكير في صحافة أطفال إلكترونية ورقمية تستفيد من التقنيات الحديثة وتقدم مادة جذابة للطفل.

 إعداد: د. محمود حرشاني (تونس) 

تعليقات