📁 تدوينات جديدة

الحقيقة المفقودة في رواية "حقيقة" للكاتبة (كولين هوفر)

 

الحقيقة المفقودة في رواية "حقيقة" للكاتبة (كولين هوفر)

أصداء الفكر: 

أغلب القراء في العالم مهووسون بروايات الإثارة والغموض والتشويق، لكن رواية (حقيقة) الأكثر مبيعا على قائمة (نيويورك تايمز)، للكاتبة الأميركية (كولين هوفر)، والصادرة عن دار المدى بترجمة الدكتور عابد إسماعيل، امتازت إلى جانب هذه الخصائص بتناول الاضطراب النفسي.

بين الغموض والإثارة والتشويق نسجت (كولين هوفر) خيوط روايتها، فمن الصفحة الأولى للرواية التي تبدأ بدهس شاحنة لشخص عبر الشارع باستعجال وتناثر دمه على قميص بطلة الرواية الكاتبة المغمورة (لوين آشلي)… يشعر القارئ بجو من الغموض والإثارة النفسية فيبدأ محاولته في استكشاف شخصيات أبطالها القلقين حتى في تصرفاتهم العادية.

ترسم كولين خطا مستقيما لروايتها، يبدأ من تلقي الكاتبة الفقيرة (لوين آشلي) عرضا من زوج الكاتبة (فيرتي كروفود) لإتمام تحرير الكتب المتبقية في سلسلة ناجحة لا تستطيع زوجته المصابة إنهاءها، فتنتقل (لوين) للسكن بمنزل الكاتبة المشلولة الفاقدة للشعور بمن حولها، مع زوجها وابنها الصغير… وهناك عن طريق الصدفة، وجدت مذكرات (فيرتي) المكتوبة بتلقائية وصدق، فتقلب الأحداث رأساً على عقب.

لا يمكن للقارئ استكشاف مرض (فيرتي) النفسي من الصفحات الأولى لمذكراتها كعادة كل المصابين بالاضطرابات النفسية، هي كاتبة فقيرة وطموحة تلتقي بجيرمي كرافورد الذي سيصبح لاحقاً زوجها بعد أن جمعتهما قصة حب عنيفة تثمر عن ولادتها لطفلتين توأمين.

وظفت هوفر الكثير من المشاهد الجنسية في روايتها، وهذا وضح بشكل جلي طريقة تفكير الشخص المصاب بالاضطراب الجنسي، إذ لا يستطيع العيش مثل الأسوياء… ليس حب (فيرتي) لزوجها (جيرمي كرافورد) من النوع الذي سيتعاطف معه القارئ، لأنه سعي للتملك أكثر من كونه حبا، فنرجسية (فيرتي) أدت بها إلى محاولة قتل بنتيها غيرةً بدعوى أنهما تتقاسمان معها قلب زوجها، فتعاملت معهما بقسوة حتى تسببت في موت واحدة وقتلت الأخرى…

“بعض العائلات محظوظات جداً لأنها لم تعش قط ولو مأساة واحدة في حياتها، ولكن ثمة عائلات أخرى ترزح في المآسي… إذا وقعت الواقعة، يحدث السيء، ولكن سرعان ما يقع ما هو أسوأ من السيء…”

مخطوطة مرعبة تقع في يد (لوين) تضم بين دفتيها اعترافات زوجة مريضة نفسيا، هدفها الأول سعادتها الجنسية وهوسها بالتملك، لتكتشف حقيقة هذه الكاتبة المشهورة المصابة باضطرابات نفسية وجنسية دمرت بها أسرتها الصغيرة وحرمت زوجها من السعادة…

“ألقي نظرة باتجاه السرير… ما تزال عينا (فيرتي) مفتوحتين… لا تنظران إلى شيء معين… لست متأكدة أنها أيقنت بأن ممرضتها قد رحلت. هل هي مدركة لما يقع حولها؟ ينتابني إحساس مرعب تجاه (كرو)، وتجاه (جيرمي)، وتجاه (فيرتي)… لا أعرف إن كنت أريد أن أعيش في ظرف كهذا؟ معرفتي بأن (جيرمي) متمسك بهذه الحياة جعل الأمر بمجمله سبباً للاكتئاب… هذا البيت والمآسي من ماضي هذه العائلة، والصراعات في حاضرها…”

وتتشابك الأحداث بينهم بعد حدوث ظواهر غريبة في المنزل لتضع علامات الاستفهام حول حقيقة مرض (فيرتي) وإصابتها بالشلل وخطورة بقائها بنفس البيت مع ابنها الوحيد المتبقي بعد وفاة بنتيْها، وهنا يبدأ القارئ بحل اللغز وتوقع الأحداث القادمة مثل قصة حب (جيرمي) و(لوين) وموت (فيرتي)، وصولاً إلى النهاية الكلاسيكية للرواية بانتصار الخير… لكن فجأة، تصدم الكاتبة (هوفر) القارئ ببراءة (فيرتي) بطريقة ذكية جدا، لكنها براءة ليست مؤكدة، وتخيرنا ببراعة بين الحقيقة الأولى التي فك القارئ لغزها على مدار 250 صفحة، وبين الحقيقة الثانية التي اكتشفها بالصفحات الأخيرة من الرواية، لتظل الحقيقة الفعلية مجهولة…

على مدى 36 أسبوعاً حافظت رواية (حقيقة) على مكانتها في قائمة نيويورك تايمز، وهي الكتاب الثاني للكاتبة الشابة (كولين هوفر) التي تعتبر الكاتبة رقم 1 الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز بواقع 22 رواية، وتندرج رواياتها ضمن فئات الرومانسية المعاصرة للبالغين والشباب، بالإضافة إلى كتابتها لأفلام الإثارة النفسية.

تعليقات