حين يتجول الصباح بشمسه الساطعة في كتاب “جغرافيا الصوت الآخر” للدكتور ناظم حمد السويداوي، عندها يكون للوقت معنى شاعري عميق يكمن في القراءات الاستنطاقية التي أوردها د. ناظم في الشعر النسوي المعاصر في كتابه النقدي المميز قلباً وقالباً، والذي يأتي بلغة نقدية مختلفة وسابقة في عالم النقد الأدبي، من جهة أنه أنصف المرأة الشاعرة المعاصرة، ومن جهة أخرى في رؤيته الخاصة التي اعتمدت على التحليل الجغرافي للنص الشعري، حيث أن الجغرافيا هي التي تحدد هوية القصيدة وجنسيتها، وتردم الهوة العميقة بين النص والشاعر، وبذا تكون القيمة الجمالية للنص، أو الحكم عليه نابعة من جغرافية وجود النص.
كما يبين د. ناظم سبب اختياره للأسماء التي أورد ذكر قصائدهن بالنقد والتحليل في الكتاب، فيقول: “الأسماء التي تم اختيارها لها ما يبررها، بعضهن لهن قيمة عليا في البلد الذي تنتمي إليه، أو في المكان الجغرافي الذي تعيش فيه، وبعضهن الآخر، قد يظن القارئ، أنهن مغمورات وليس لهن باعاً في قول الشعر، لكنني كباحث كنت قد وضعت في حساباتي شيئاً، أن الشاعرة المغمورة قد تكون بارعة يوماً في قصيدتها، وعندي لا توجد شاعرة كبيرة، بل قصيدة كبيرة.”
وكان لي الشرف أن أكون إحدى هؤلاء المغمورات اللاتي أضاء على شعرهن د. ناظم من خلال ديواني (هل بلغك شعري؟)، تحت عنوان “فضاء الآخر ورائحة الغياب”، فيقول:
“إن حفريات الخطاب الشعري لدى نوّار جاء متماشياً مع قصائدها التي توزعت على ٣٣ قصيدة، وكلما قاربنا نصاً لها، تحقق لدينا الفارق بين القراءة والاستنطاق، وعلى شاكلة هذا الاستدعاء أيضاً يتحقق لدينا عنصر الالتفات الذي يغني القصيدة، على أنها وظيفة إرجاعية، وعلاقة تبليغ من نوع خاص، الأمر الذي يتطلب سياقاً دلالياً وقدرة على التفكير، يشفع للشاعرة أن تنسجم مع مقتضيات المشهد الشعري الذي يبلغ القصد بإحساس فلسفي.
وختاماً أشكر د. ناظم على هذا العطاء القيم والذي أنصف المرأة الشاعرة المعاصرة التي تكتب قصيدة النثر، وارتفع بالشعر النثري إلى مقام الشعر الموزون.
يذكر أن د. ناظم حمد السويداوي ناقد وشاعر عراقي، حاصل على دكتوراه أستاذ مساعد في الأدب العربي ونقده من جامعة الأنبار.
والمسؤول المالي والإداري في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق / فرع الأنبار.
وله العديد من الاصدارات الشعرية والنقدية منها:
-حركية الصراع في القصيدة العباسية.
-إشكالية الزمان والمكان في الشعر.
-الرؤية والتشكيل في الشعر العربي.
-جدلية القيم في القصيدة العباسية.
-هيمنة التحول وجمالية الانتهاك في القصيدة المعاصرة.
-انفتاح النص… قراءة في الشعر النسوي المعاصر.
-ماذا لو، هنا لا شيء يشبهك، إلى مسقط قلبك، ذلك المبلل بماء الجنون، أنت ويكفي، الذي كان… نصوص شعرية.