مرثية
تونس / آمال بوحرب
كيف للموت أن يحب الموت
لم لا يمنحنا الروح الأبدية
ليته تعايش مع الحياة
ربما غير رأيه وغير الأبجدية
ليته آمن بالحياة
ليته استأذن بالقبض والبسط
والنشر والطي
كيف ينزع أرواح من نحب
ولا يطرف له جفن
كيف يأخذ أرواح النبلاء
ما اصعب أن ترحل الشمس
عن عيون الأبرياء
في صمت قاتل تحترق
الأنفاس تغيب عن ناظري
أيدري الموت أنك شمعة ذابت
بجمرة لوعة لكنها رغم الأسى
لم تنطفئ
فأنت شهلاء بعيني سيدة
صديقة غير كل النساء
من أجل وصلك والتمني
قد رضيت بقدر ي
شهلاء العزة والكرامة الأبية
سلام عليها في هجعتها
وسلام لروحها الأزلية
حتى الملتقى
حيث السلام والأمن
بين يدي الجلال
في سدرة المنتهى
وفي حوضه الأبدي بلا ضمإ
بلا وجع وبلا عدميه
كل شيء حقيقي لم يعد
هناك من نسبية!
سلام شهلاء الروح والقلب
إلى جنة الخلد حيث
يرقد النرجس الحزين
يلف روحه الأمان
والعمر بعدك يومان
يوم قاتم قارص موحش
ودهر في الحزن يوقظ حرفي
لا تلمني في الكتابة عنك فأنت
في مرثيات شعري عنوان
كلما مررت بحرفك تعطرت
بالعود المحبة والريحان
كيف لي يا قرة العين
أن أجدَ بعدك
الوئام وصوت قصيدتك
يلهمني بعشق شجي
ومن نوافذ الرحمن
أسأل السلام لقلبك الندي
والأمان الأحق لروحك النقية.
قراءة "أصداء الفكر"
تستحضر مرثية آمال بوحرب لروح الدكتورة شهلاء عبد الكريم الكاظمي مشاعر الفقد والأسى بطريقة مؤثرة، تتجاوز فيها الشاعرية حدود الكلمات لتصل إلى عمق القلب. تحاول المرثية معالجة قضية الموت والفراق، وكيف أن هذا الفقد يتسلل إلى حياة الأحباء بدون استئذان، وبدون أن يرف له جفن، تاركاً وراءه فراغاً لا يملأه شيء.
القصيدة تبرز التساؤلات الفلسفية حول الموت ومعانيه، وكيف أنه يأخذ الأرواح النبيلة دون أن يمنح الحياة فرصة للتعايش. تساؤلات مثل "كيف للموت أن يحب الموت" و"لم لا يمنحنا الروح الأبدية" تثير شعورًا بالعجز أمام قوة الموت التي لا ترحم.
كما تُبرز القصيدة أيضاً حب الشاعرة الكبير واحترامها للفقيدة، من خلال الإشارة إلى شهلاء كـ"سيدة صديقة غير كل النساء"، وتكرار الاسم مراراً في سياق مليء بالحب والتقدير. تعكس الكلمات مشاعر الامتنان والإعجاب، والتقدير الكبير لشخصية شهلاء وقيمتها الأدبية والإنسانية.
تشعر بوجع الفراق في الأبيات التي تصف الشمس التي ترحل عن عيون الأبرياء، والشمعة التي تذوب بجمرة اللوعة لكنها تظل مضيئة. تلك الصور تضيف للقصيدة بعداً تصويرياً يعزز من تأثيرها العاطفي، ويجعل القارئ يشعر بالحزن العميق الذي تعيشه الشاعرة.
في النهاية، تبرز القصيدة الأمل في اللقاء في الآخرة، حيث السلام والأمن بين يدي الله، في سدرة المنتهى وحوضه الأبدي. هذا الجزء من القصيدة يعكس إيمان الشاعرة بالآخرة والراحة الأبدية، حيث يلتقي الأحباء مجدداً بعيداً عن الألم والفراق.
من خلال هذه المرثية، تعبر آمال بوحرب عن عمق حزنها وألمها لفقدان الدكتورة شهلاء عبد الكريم الكاظمي، لكنها في الوقت ذاته تعبر عن حبها الكبير وتقديرها لروح الفقيدة النقية والملهمة. النص مليء بالعواطف الصادقة والمشاعر الجياشة، ويشكل تجسيداً حقيقياً للألم والشوق والأمل في اللقاء الأبدي.