◼ حسن امحيل । المغرب
إن إشكالية وصول إصدارات الطفل إلى الطفل تظل واحدة من أهم المعضلات التي تواجهها صحافة الأطفال، إذ أن الطفل لا يملك، في أغلب الأحيان، القدرة الذاتية على الوصول إلى هذه الإصدارات، فيعتمد كليًا على البالغين لتوفيرها له، سواء من خلال الأسرة أو المدرسة أو المكتبة.
والمؤسف أن الكثير من الأطفال يجدون صعوبة في الحصول على هذه الإصدارات، إما بسبب عدم توفرها في المكتبات، أو غيابها عن السوق، أو لأن الكتب المتاحة لا تراعي مستواهم العمري ولا تُصمَّم بأسلوب يشد انتباههم ويغريهم بالقراءة.
أما فيما يخص معارض كتب الأطفال التي تُنظّم سنويًا بهدف تشجيع القراءة، فعادة ما تكون مشاركة الأطفال فيها محدودة، لعدة أسباب أبرزها تنظيم هذه المعارض في أماكن بعيدة عن التجمعات السكنية، ما يصعّب على الأطفال وعائلاتهم الوصول إليها. وحتى إن حضر بعضهم، فإن الافتقار إلى التوجيه داخل المعرض، والكم الهائل من العناوين غير المصنفة بحسب الفئة العمرية، يجعلهم يشعرون بالتيه، ويفقدون الحماسة للاختيار السليم.
إضافة إلى ذلك، فإن الجهود التقييمية لنجاح هذه التظاهرات كثيرًا ما تُغفل الطفل تمامًا، إذ تُقاس الفعالية غالبًا بعدد الحضور بدلًا من قياس مدى استفادة الأطفال فعليًا من المحتوى المعروض. وهنا تبرز الحاجة إلى معايير جديدة لتقييم النجاح، تركز على الأثر التربوي والتعليمي الذي يتركه الحدث في نفوس الأطفال، لا على مؤشرات الحضور العددية فحسب.
أما الإحصائيات المتعلقة بنسبة الأطفال المستفيدين فعليًا من إصدارات صحافة الطفل، فهي قليلة جدًا، ما يشكّل تحديًا آخر بالغ الأهمية. إذ إن معرفة الأثر الفعلي لهذه الإصدارات على الفئة المستهدفة هو ما يُمكِّن من تطوير المنتج الإعلامي الموجه للطفل، وضمان وصوله إلى قلب المتلقي الحقيقي.
إن التحديات التي تواجه صحافة الطفل في ضمان الوصول والتأثير والتقييم، تفرض على جميع المشتغلين في الحقل التربوي والثقافي مراجعة أدواتهم واستراتيجياتهم، فالمحتوى الجيد لا يكفي ما لم يصل إلى من كُتب له.
فما فائدة ما نكتب، إن لم يصل إلى القارئ؟