مصر | مروة حمدي
عزيزي القارئ، إن كنت
تقرأ لتكسب مالا، أو لِتُلِمَّ بعلم أو تأتيك معرفة فلديك من وسائل الذكاء الاصطناعي
ما يفعل ذلك، وأبلغك آسفة بأن هذا المنشور ليس بالمنشور المناسب لك، أما إن كانت الحياة
قد أرهقتك واستنفذت بعض قواك وتبحث عن بصيص أمل وبعض من مهارات المقاومة وتغيير المسار
مما يجعلك تستجمع أشلاء ما بقي منك كي تخيط جراحك وتقف شامخ القامة وتعود بشغف لتستمع
بما في الحياة؛ ففضلا وليس أمرًا، أدعوك لقراءة هذه الأسطر لربما أكون سببًا في تحويل
مسارك نحو حياة أفضل فتعود إلي كارما الخير بمثقال ذرة.
تسير الحياة بنا كملحمة
تحاك بخيوط الأقدار وتنسج بألوان الأحداث. فما من رحلة إلا وتحمل في طياتها درسًا نتعلمه،
وما من خسارة إلا وتكشف لنا عن مكاسب لا نبصرها.
يا للعجب! كيف نمتعض
من تلك الخسارات التي تُعد من صميم تجربة الحياة؟ ألم تعلم أيها المسافر أن تلك الشظايا
المبعثرة على طريقك هي الحجارة التي ستمهد لك طريق التطور والنمو؟
فما من لحظة إلا وتحمل
في ثناياها هدية من الله، تنتظر استقبالنا لها بفؤاد مفتوح وعقل واع. فلا تحزن على
ما فات، فإن الخيرات تنهال علينا من كل حدب وصوب، ولكن لا تدرك عقولنا الضعيفة إلا
القليل منها.
كن راضيًا بقضاء الله
وقدره، ولا تضع الناس نصب عينيك -فنحن لسنا قضاة للحكم بالعدل وحياتك ليست مسألة للحكم
فيها- واعلم أكرمك الله أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. فكن طيب
القلب رحيما عليك، عفيف النفس جابرا لقلوب الآخرين.
وتذكّر أيها القارئ
أعزك الله أن كل خطوة تخطوها في رحلتك الحياتية هي جزء من الوقت المحدود الذي أتيح
لك. فاغتنم هذه اللحظات الثمينة، وانهل من كل تجربة حكمة جديدة، حتى وإن كنت تسير وحيدًا.
فالوحدة في بعض الأوقات قد تكون رفيقًا أوفى من جمع هائل. فاثبت على درب الحياة بثبات
الجبال، وانظر إلى الخسائر بعين الحكمة. وتذكّر أن الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا
بالخير، فاطمئن إلى قضائه وقدره وانطلق نحو آفاق أرحب.
الحياة رسالة لابد
من تحقيقها وإنها لَتُكتب بحبر الأقدار فهي خطة السير، لذا فاحفر اسمك في صفحاتها بحروف
من ذهب، واجعل من كل خسارة مكسبًا، ومن كل درب مظلم منارة تهدي إلى طريق النور والحكمة،
وضع أهدافك نصب عينيك وتحاور معها في الصباح والمساء حتى تعتاد تحقيقها، ولا تنس أن
المتعة في الطريق لا في الوصول إلى الغايات.
من تأملات الحياة
وبقلم رصاص