📁 تدوينات جديدة

ترجمةُ أدبِ الطّفلِ | كاتبة كاتبة

ترجمةُ أدبِ الطّفلِ | كاتبة كاتبة

سوريا | كاتبة كاتبة

تندرجُ ترجمةُ أدبِ الطّفلِ ضمنَ التَّرجمةِ الأدبيّةِ، والتي تُعتبرُ بدورِها من أدقِّ أنواعِ التَّرجمةِ وأكثرِها صعوبةً، إذ يجبُ تقديمُ المحتوى بدقّةٍ وبانسيابيّةٍ، وبأمانةٍ، مع إضفاءِ الطابعِ الإبداعيِّ الأدبيِّ من خلالِ درايةِ المترجمِ الكاملةِ بمعاني المفرداتِ اللّغويةِ، والإبداعِ في استخدامِ طرقِ التَّعبيرِ اللَّغويِّ والبلاغيِّ.

من سماتِ المترجمِ النّاجحِ تحديدُ أسلوبِ وطريقةِ انتقاءِ مستوى اللّغةِ خلالَ عمليةِ التَّرجمةِ تبعاً للجمهورِ المستهدفِ، لذلكَ لا بدَّ من مراعاةِ قواعدَ خاصّة باللّغةِ المستخدمةِ وأسلوبِ الكتابةِ، وبالتّالي، التّرجمةُ للطّفلِ يجبُ أن تكونَ أبسطَ، والمفرداتُ أسهلُ وأقربُ من ذائقةِ الطِّفلِ. وهنا يمكنُ الوقوعُ في فخِّ عدمِ التَّمييزِ بينَ بساطةِ التَّرجمةِ وسهولةِ التَّرجمةِ؛ حيثُ أنَّ تبسيطَ التَّرجمةِ ليسَ بالأمرِ السَّهلِ، إذ تحملُ التَّرجمةُ المبسَّطةُ في طيّاتِها اختلافاتٍ ثقافيّةً ومفرداتٍ متخصِّصةً، وبالتَّالي فهي تأخذُ وقتاً وجهداً أكثرَ من التَّرجمةِ المعقّدةِ، وذلكَ من حيثُ انتقاءُ مفرداتٍ سهلةٍ وأسلوبٍ جذلٍ، مع الحفاظِ على ديناميكيّةٍ وتعبيريّةٍ خاصّةٍ بأسلوبٍ محبَّبٍ وقريبٍ إلى عقلِ الطِّفلِ وآليةِ سردٍ جاذبةٍ. وهنا يكمنُ التّحدي الكبيرُ في التّرجمةِ للأطفالِ، وهو إيجادُ أسلوبٍ آسرٍ يشدُّ القارئَ الصّغيرَ ويحثُّهُ على مواصلةِ القراءةِ والتَّعمقِ في الكتابِ والمضيِّ فيه حتّى النهايةِ. وهو بدورهِ المسؤولُ الأوّلُ عن نجاحِ عمليةِ التّرجمةِ؛ إذ يحقّقُ المتعةَ والتّسليةَ وهذا هدفٌ أساسيّ.

تأتي ثقةُ المترجمِ في القارئِ الصّغيرِ من تقبّلهِ غرابةَ الحكايةِ، وحبِّ الانفتاحِ على العالمِ لاكتشافهِ، والاستعدادِ لقبولِ ما هو غريبٌ من خلالِ فضولِهِ الفكريِّ وتعطّشهِ للمعرفةِ والتّعلّمِ. هذه الغرابةُ تجعلهُ يدركُ أهميّةَ التّعدديةِ الفكريّةِ والفوارقِ الحضاريّةِ والثّقافيةِ والاجتماعيّةِ بين الشُّعوبِ، بالتّالي فإنَّ كتابَ الأطفالِ المترجَمَ هو أداةٌ فائقةُ الأهميّةِ لتعزيزِ الانفتاحِ بينَ الشُّعوبِ.

في الختام، ترجمةُ أدبِ الطِّفلِ ليست عملاً أدبياً فحسبُ، بل هي أيضاً عملٌ تعليميٌّ، تربويٌّ، ثقافيٌّ، ممتعٌ وأخلاقيٌّ للغايةِ، يتطلّبُ الإلمامَ بعالَمِ الطِّفلِ، والولوجَ إلى أعماقِ تفكيرِهِ واحتياجاتِهِ.


تعليقات