الكاتب المفكر والأديب الشاعر والناقد والباحث المتخصص بأدب ومسرح وثقافة الأطفال الكاتب الكبير الأستاذ فاضل الكعبي – الذي يعد من أبرز الأدباء والكتاب في هذا المجال في العراق ومعروف على مستوى الوطن العربي، فهو صاحب تجربة إبداعية وعلمية تجاوزت ال 45 عاماً، أصدر خلالها أكثر من 200 كتاب إبداعي في الشعر والقصة والمسرحية والحكاية الشعرية وقصص وروايات اليافعين ، إلى جانب 30 كتاب علمي في الدراسات العلمية المتخصص التي تعد الآن من أبرز المراجع في هذا الاختصاص في الوطن العربي ، فهو خبير محكم في أكثر من جائزة ومسابقة عربية ، وتعد كتبه مراجع أساسية لعشرات الدراسات الأكاديمية العليا والتي تناولت تجربته الإبداعية والعلمية في عشرات الرسائل والأطروحات الجامعية في الماجستير والدكتوراه ، كما يحمل أكثر من دكتوراه ودكتوراه فخرية من جامعات وأكاديميات علمية عربية وعالمية، وغيرها من شهادات الإبداع والتميز كما نال عشرات الجوائز من أبرزها جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال في مجال الدراسات النقدية عام 2010 وجائزة تازة العالمية في كتابة النصوص المسرحية الثانية عام 2015 وغيرها ، شارك في عشرات المؤتمرات والمهرجانات والندوات العلمية والثقافية في الوطن العربي .
يعد الآن المنظّر الباحث المتخصص الأول في قضايا أدب ومسرح وثقافة الأطفال في العراق من خلال منجزه البحثي والعلمي الذي أنتجه وأصدر خلاله 30 كتاباً علمياً وفكرياً مرجعاً ولم يصدر بمثل هذا المنجز أي باحث أخر في العراق.
كتبه العلمية في الدراسات تعد مرجعاً أساسياً مهماً في قضايا أدب ومسرح وثقافة الأطفال في عموم الوطن العربي، وهي مرجع مهم لعشرات الدراسات الأكاديمية العليا في رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه في مختلف الجامعات والمعاهد العربية والدولية.
وكتبت عنه وعن تجربته الإبداعية الميدانية والنظرية عشرات الدراسات العربية العليا في الماجستير والدكتوراه، مثلما كتبت عن تجربته وصدرت العديد من الكتب والدراسات النقدية.
وكتابه الذي يوقعه اليوم والموسوم: (لماذا أدب الأطفال – سؤال الماضي والحاضر في معاينة التجربة العراقية) يعد الآن المرجع الأول عن تجربة أدب الأطفال في العراق وفيه أيضاً السيرة الكاملة لدار ثقافة الأطفال.
![]() |
أجرت الحوار: كاتبة كاتبة | سوريا |
من أين جئت إلى أدب الأطفال؟ وما الهاجس الذي يحرك قلمك؟
جئت إلى أدب الأطفال من الأطفال أنفسهم، انطلاقاً من طفولتي المشبعة بالقراءات المناسبة والمشوقة لكل ما يستجيب لشغفي ويغنيه بهذه القراءات المتنوعة من كتب خاصة وعامة لا تحديد لها في بادئ الأمر، وقد تنوعت بين الشعر والقصص والروايات العربية والعالمية، وكنت أقرأ ما تقع عليه عيناي ويجذبني عنوانه وموضوعه كأشعار المعلقات، والمتنبي، والسياب، والبياتي، وشوقي , روايات عنترة، الزير سالم، ألف ليلة وليلة، فيكتور هيجو، وتولستوي وهمنغواي، وإحسان عبد القدوس، وأجاثا كرستي، وأرسين لوبين، كتب السلسلة الخضراء لدار المعارف بمصر، وغيرها الكثير، ولمختلف مجلات الأطفال المعروفة عربياً وعالمياً تلك التي شغلت اهتمامنا ومكتباتنا في وقتنا ذاك منها : سوبرمان، بونانزا، طرزان، تان تان، بساط الريح، سمير، وغيرها من مؤثرات أخرى وضعتني في طريق الكتابة لأنطلق في هذا الطريق باتجاهين، اتجاه كتابة الشعر للكبار ليكون هاجسي الكبير، واتجاه الكتابة للطفل ليكون هاجسي الثاني الذي جعلته في السنوات الأخيرة الأكثر انشغالاً وسعة ليتغلب على الأول وليكون هو الهاجس الأقوى والأهم والأول الذي يحرك قلمي باتجاه الطفل دائماً.
كيف يمكن تقمص شخصية الطفل والتفكير بطريقته، ومن ثم الوصول إليه؟
يتم ذلك عندما نفهم الطفل فهماً كاملاً وعميقاً بالمستوى الذي يجعلنا نشعر بما يشعر به من مشاعر ونحس بما لديه من أحاسيس وبالمستوى الأكيد من حدود ومن طاقات فئته العمرية المحددة كما لو أننا نرتقي إلى مستواه وندركه بصورة أكيدة وتامة، في طريق الوصول إليه وفهمه، والخطوة الأولى في هذا أن ندرك لغته إدراكاً كاملاً ونستوعبها بحسب تدرجاتها مفرداتها ومستوياتها اللفظية وغير اللفظية في قاموسه اللغوي العام بعمومية الطفولة والخاص بخصوصية كل مرحلة فيها، وكذلك لا بد من الوصول إلى وجدان الطفل وأعماق نفسه وكيانه ونفسيته بكامل حدودها وعلمها ومعرفة ما يجب معرفته من علوم من الضرورة الانطلاق منها في فهم الطفل واستيعاب عالمه الظاهر والباطن، والانطلاق للغوص فيه وادراك قدراته وحدود تطلعاته وخيالاته ومستوى طاقاته وانفعالاته ورغباته والاستجابة لحاجاته المتعددة الحدود والأوجه، ومعرفة ما يحب وما لا يحب، بكل ذلك يمكن تقمص شخصية الطفل والتفكير بطريقته، والانطلاق بموهبة الكتابة والاستجابة لشروطها ومعاييرها الحقيقية، يمكن الوصول إلى الطفل والتأثير فيه كما يجب في الكتابة مؤثراتها الأكيدة.
رهنت حياتك للكتابة للطفل إبداعاً وفكراً ونقداً، حتى وجدت قوة فكرك فيها، هل يعني هذا أنك لست بهذه القوة خارج الكتابة هذه؟
نعم، كنت ومازلت وسأبقى مولعاً، شغوفاً، مؤمناً، مهموماً إلى حد الخيال والنظر والتفكير والتطلع بفضاءات هذه الكتابة التي تلبّستني مثلما تلبّستها بكافة اتجاهات ومعالم شخصيتي وأعماقها منذ سنوات وسنوات تسير لتصل إلى ما يربو من الخمسين إلا خمس من السنوات، وبذلك لا أجد نفسي وكياني وقوتي وفكري وتفكيري خارج هذه الكتابة، التي رهنت نفسي لها كما أشرت حضرتك، ومازلت أفكر لها وبها لأعطي ما يجب وما تستحق وما تريد من العطاء المتجدد الذي أجد فيه الإضافة الثرية لمعالم الكتابة للأطفال هذه الكتابة التي وضعتني الآن بعد سنوات التجربة الطويلة بمستوى متقدم ودقيق وحريص من المسؤولية الأخلاقية والفنية والإبداعية التي يرجع إليَّ فيها العديد من المنطلقين في طريق هذه الكتابة والدارسين لعوالمها من الباحثين وطلبة الدراسات العليا، وحتمية المسؤولية هذه وواجبها المرجعي أن أجزل العطاء بدقة التفصيل وسعة الخبرة والمشورة لصالح هذه الكتابة وما تريده من متطلبات تجعلني فيها وفي عوالمها دائم الانطلاق في حيوية الإبداع والفكر والتفكير ولا أجد نفسي بمثل ذلك خارج هذه الكتابة أبداً.
ترى برأيكم هل تجدي قصص السندباد البري والبحري، وافتح يا سمسم، وغيرها في عصر الفضاء والأقمار الصناعية؟
ومن قال كل هذه القصص وثراء ما فيها من خيال ورؤى لا تجدي في عصر الفضاء والأقمار الصناعية؟ وهذه القصص وأمثالها، في تصوري، هي التي ساعدت على إيجاد ما يوجد الآن من أشكال ومحتويات ومنتجات مذهلة في عصر الفضاء والأقمار الصناعية، فهذه الأقمار الصناعية هي نتاج خيال ساحر، كذلك هو حال القصص التي ذكرتها والتي أبدعتها وأوجدتها مخيلة خيال ساحر، فالخيال هو أساس النمو والتطور في مكنون الأشياء وحتى الخرافية منها، تلك التي لا تتصل بصلة واضحة للعلم، ولكن ما فيها من خيال يجعل منها منطلقاً للدهشة والمتعة في التلقي، وهكذا كانت تفعل فينا هذه القصص، بكل ما فيها من سحر وخيال، ولا يمكن نسيانها أو تجاوزها مهما تطورت وسائلنا وأدواتنا، فهي تبقى موروثاً ومنطلقاً متجدداً يمكن استحضار رموزه ومثاباته في ما هو حاضر في أدوات التكنولوجيا ومنتجاتها العصرية الآن وقد جسد مثل ذلك في أكثر من عمل إبداعي يزاوج بين خيال الموروث في تلك القصص وخيال الآتي في منتوج التكنولوجيا العصرية.
لماذا تبدو لنا الرسوم التي تتضمنها كتب الأطفال دون مستوى الرسوم التي نراها في الكتب الأجنبية؟
لا يمكن النظر إلى رسوم كتب الأطفال عندنا أو عند غيرنا من المجتمعات بهذا المنظور، فلكل مجتمع ثقافته الخاصة وأساليبه وأنماطه وفنونه التي يتميز بها وتميزه عن غيره، وهذا أيضا ينعكس على رسوم الأطفال وكتبهم، ومع ذلك فهناك في رسوم الأطفال عندنا الكثير من التميز والأساليب الحديثة التي تتماشى مع رؤية الحداثة ولغة العصر التي تجذب الطفل العربي وتستجيب لرؤيته ومتطلبات ذائقته في التلقي الجمالي والفني والأدبي والموضوعي لكتبه ولما تتجسد في هذه الكتب من رسوم لابد أن تستجيب له وتتوافق وتنسجم فيها الرؤية مع المقروء في صفحات هذه الكتب وهذا هو الجانب المهم والبارز في ما تتطلبه الرسوم المهمة في خطابها الصوري إلى جانب الخطاب اللغوي في كتب الأطفال العربية.
كيف ترى واقع النشر العربي في أدب الطفل، ونظرتك إلى هذا الواقع من خلال تجاربك الشخصية؟
إذا استثنينا بعض دور النشر العربية المهمة في مجال أدب الأطفال فإنَّ الكم الآخر من دور النشر العربية يحدها الإرباك وعدم الفهم الحقيقي لمتطلبات الطفل العربي، ويحكم هذه الدور عشوائية النشر وعدم الخبرة الحقة في انتقاء وتقديم ما يناسب الطفل العربي، كما أن بعض دور الدور لا تتعامل بمصداقية وجدية مع الكاتب الحقيقي لأدب الأطفال، وكثيرا ما تتنصل عن التزاماتها رغم وجود العقود المبرمة بينها وبين الكاتب، وقد عانيت من ذلك كثيراً ولي مواقف وتجارب عديدة في هذا الجانب لا أريد ذكر شواهدها، وقد سلطت الضوء النقدي عليها في العديد من دراساتي التي نشرت، وحقيقة الأمر هناك فوضى ومزاجية وفقدان للمعيارية الفنية والأدبية الحقيقية في جوانب عديدة من واقع النشر العربي في أدب الطفل.
ما رأيك في المسابقات الخاصة بأدب الطفل، وهل هي تساهم في النهوض بأدب الطفل العربي؟
هي مهمة جداً ومطلوبة للارتقاء بمستويات وأساليب الكتابة في أدب الطفل، وتحفّز الكاتب الحقيقي على الإبداع والتميز كما يجب، لتنهض ببعض ذلك بوتائر ومستويات الرقي لأدب الطفل العربي، ولكن، وآه من لكن هذه! حقيقة الأمر فيما نراه في بعض هذه المسابقات من خلال المتابعة الطويلة لها واستقراء بعض ما نجده في بعض حيثياتها وفي نماذج ما تحقق لها الفوز في مقاييسها جعلتنا نشكك بمصداقية وأهداف بعض هذه المسابقات، وقد ذكرت في هذا العديد من الملاحظات خصوصا في كتابي الموسوم (أدب الأطفال بين الظاهر والمسكوت عنه).
أنت كاتب متعدد الاتجاهات في الكتابة، حيث تكتب الشعر والقصة والمسرحية والحكاية الشعرية وقصص وروايات اليافعين إلى جانب كونك مفكرا وباحثا تكتب التنظير والنقد والدراسات والبحوث الفكرية والنقدية المتخصصة، فأين تبني خيمتك وتستريح؟
كل هذه التي ذكرتيها هي منتوج خيمتي في عالم الكتابة ومدار فكري وانشغال تفكيري، وجميعها تدخل في مسار اهتمامي وهمّي في مجمل اتجاهات الكتابة، فلا ضير من التعدد مادام يصب في مشغل واحد، وفي هدف واحد، وفي مسار واحد، وهذا هو مشغلي وشغلي الدائم الذي أهمُّ به وأتنسمه وأشم عطره في خيمتي هذه، ولا يمكن لي الاستراحة خارج هذه الخيمة بعدما ودعت خيمتي الأخرى وأغلقتها في النشر لا في الكتابة، وتلك هي خيمة الشعر، وأعني به الشعر الذي كنت أكتبه للكبار الذي كتبته منذ منتصف السبعينيات، ولي فيه صدرت ست مجموعات شعرية معروفة، لكنني تركت نشر الشعر للكبار لأن الباب فتحت بعد الألفينيات لأدعياء الشعر ومن ليس له موهبة فيه ليصف نفسه شاعراً وهو ليس كذلك، الشعر له معاييره ومقاييسه ومتطلباته وأدواته والكثير من هؤلاء لا يجيدون ذلك إلا ما ندر، وهذا النادر نخرجه من بين ركام الكم الهائل من الكتابات إلا معنى لها في الشعر والأدب خصوصاً التي فتح لها الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعية المتيسرة للجميع كل الأبواب وكذلك الصحف والمجلات غير المتخصصة.
كيف تقيم وضعية أدب الطفل في العراق اليوم على وجه الخصوص وفي عموم الأقطار العربية؟
أدب الطفل في العراق اليوم ليس بالمستوى وبالقدر الذي نريده، فهناك العديد من الملاحظات والهموم والتحديات التي لا مجال لذكرها وذكرت بعضها في كتابي الذي يدرس هذا الواقع والموسوم: (لماذا أدب الأطفال: سؤال الماضي والحاضر في معاينة التجربة العراقية) الصادر في العام الماضي، وهو كتاب موسوعي كبير متعدد الاتجاهات، فإلى جانب إجابته المنهجية الواضحة عن السؤال الجدلي الذي حمله عنوان الكتاب، فهو يدرس ويبحث في عوالم التجربة العراقية في أدب الأطفال ويوثق لها، وكذلك يوثق بالعرض والنقد والتحليل لدار ثقافة الأطفال التي تعد المؤسسة الرسمية الكبرى التي ساعدت على نمو واتساع معالم أدب الأطفال في العراق، مثلما يوثق هذا الكتاب كل مجمل منجزات الكتاب والأدباء العراقيين الذي كتبوا للطفل وأصدروا له كتبا خاصا تحسب على أدب الأطفال بصورة عامة، وهذا الكتاب الآن يعد المرجع التاريخي والفني والموضوعي والأدبي الأول لكل عوالم أدب الأطفال وتجربته الفنية في العراق، وبصورة عامة إذا ما أردنا الحديث عن تجربة أدب الأطفال في العراق فهناك تجاهل وتغييب للأدب والأديب الحقيقي ويتم تسليط الضوء على أشباه كتّاب ليس لهم من المنجز ما يؤهلهم الاتصاف بصفة كتاب أدب الطفل، والحديث في هذا حقيقة ذو شجون قد يطول اذا ما أردنا إيراد الشواهد والأمثلة، أما النظر إلى تجربة أدب الأطفال على المستوى العربي، فهناك العديد من الملاحظات والمسائل التي حرَّف العديد منها غايات أدب الأطفال ووجهة رسالته الإنسانية والفنية عن مسارها الصحيح، وذلك لدخول كتبة وأنصاف كتبة إلى ميدان أدب الطفل من دون أن يكون لهم السعة الكبيرة بعوالم الطفل، ولا يملكون من الخبرة المطلوبة والرؤية العلمية والنفسية والثقافية وأساليب اللغة وتدرجاتها في الكتابة وأساسياتها في أدنى شروطها الواجبة بالتوجه لمخاطبة الطفل والكتابة له، فأحدث هؤلاء الكثير من الخلل الفني واللغوي والموضوعي والجمالي في عملية الكتابة للأطفال، وهذا الحال أدى إلى اتساع رقعة الفوضى الحاصلة في واقع أدب الطفل العربي.
لمن ترجع أسباب ذلك، ومن المسؤول عن هذه الفوضى بالتحديد؟
يعود السبب في ذلك بالأساس إلى استسهال الكثير لعملية الكتابة للأطفال فيدخلون هذا الميدان دون ادراك حقيقي وعميق لمتطلباته ومعاييره، ودون إدراك نفسي وأسلوبي وفني وإنساني بمدى صعوبات الكتابة للأطفال، فيعتقدون بسهولة الكتابة للطفل وتيسرها أمامهم، وهذا هو الفهم الخاطئ والخطير الذي جلب الويلات لأدب الأطفال وراكم من حجم الغث والرتابة فيه، وحقيقة الأمر في هذا الاتجاه ليس كل ما ينشر من كتابات تدعي وجهتها للطفل تصلح لتكون ضمن منتجات أدب الأطفال وتكتسب الشرعية في مخاطبة الطفل.
كذلك الحال في هذا الاتجاه فان المعضلة الكبرى باتساع الفوضى وضبابية الحال التي نجدها ظاهرة في عوالم أدب الطفل العربي يمكن إرجاع الكثير من أسبابها الأخرى إلى غياب النقد الحقيقي في عوالم أدب الأطفال، وغياب النقد أدى بدوره إلى غياب وعي العديد من المؤسسات الثقافية والإعلامية، ومعها العشرات من دور النشر بما يجب أن يكون عليه ويتطلبه أدب الطفل الحقيقي، فما معنى أن يأتي كاتب مازال يحبو في الكتابة وليس له من التجربة والخبرة إلا المجال الضيق والمحدود ليقيم ورشاً ودورات لتعليم كتابة القصة وفن الكتابة للأطفال وهو لم يكن على القدر الكافي من الادراك والسعة والمعرفة بكل ما تتطلبه عوالم الكتابة للأطفال وأسرارها الساحرة والخفية من متطلبات ومعايير عجز الكثير من كبار الكتاب في العالم من معرفتها والوصول إلى حدودها، كل ذلك يأتي في تقديري يعود بسعة الكبيرة إلى غياب النقد، وأعني به النقد المتخصص بأدب الأطفال، فهناك فرق كبير بين النقد العام في أدب الكبار والنقد المهني والمتخصص بأدب الذي يحتاج إلى متطلبات تفوق ما يحتاجه النقد العام في أدب الراشدين، ومن هنا سعيت منذ سنوات عديدة باجتهاد علمي ومنهجي وفني خاص إلى تأسيس وإيجاد أسس فنية ومعايير علمية وموضوعية خاصة بنقد أدب الأطفال، حتى خلصت إلى دراسة علمية في هذا الاتجاه صدرت في كتاب مهم بعنوان: (أدب الأطفال في المعايير النقدية: دراسة في الأسس والقواعد الفنية والنقدية لفن الكتابة للأطفال)، صدر بطبعته الأولى عام 2013 عن إدارة مراكز الأطفال في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أول كتاب علمي ينظّر لمعايير نقدية خاصة بالنقد الحقيقي والمتخصص بأدب الطفل في العالم العربي.