إننا مصرون على الاستمرار في نشر ثقافة تليق بشعوبنا وترقى للمستوى المطلوب، من خلال تقديم كتابات حقيقية مختارة ومنقحة بعناية في ظل مد جارف لكتابات ركيكة تجتاح منابر تدعي أنها ثقافية جادة...تشير الدراسات الحديثة إلى أننا لا نقرأ سوى ربع صفحة في العام... هي إحصائيات صادمة خصوصا مع توفر الكتب والمجلات وانتشار المعارض التي تقام في مختلف بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ولا ننسى المكتبات الإلكترونية التي توفر وتيسر تحميل الكتب في مختلف المجالات مجانا، رغم أنها تنافس القراءة الورقية وتساهم في أفولها. فالسبب وراء هذه الإحصائيات المخيفة ليس عدم توفر المادة المقدَّمة للقارئ، بل هو عائد إلى أن المواطن لم يدمن القراءة منذ نعومة أظافره ولم يتلق تشجيعا، والقراءة هي آخر ما يمكن أن يشغل اهتماماته، ولا يسعى إلى تنمية ذاته الفكرية وتطويرها كما يفعل وبشغف في تنمية ذاته الفيزيولوجية عن طريق الأساليب الصحية والرياضية، رغم أنه ينتمي إلى أمة اقرأ، وهذا ما أدى إلى تراجع هذه الأمة على كافة الأصعدة.
منصة "أصداء الفكر" تعي جيدا كل هذه الإشكاليات وعلى أنها مؤدية إلى أفق غامض، إلا
أننا مصرون على الاستمرار في نشر ثقافة تليق بشعوبنا وترقى للمستوى المطلوب، من خلال
تقديم كتابات حقيقية مختارة ومنقحة بعناية في ظل مد جارف لكتابات ركيكة تجتاح منابر
تدعي أنها ثقافية جادة، وهي لم تكلف نفسها حتى عناء التحقق من المحتويات، خاصة منها
الإلكترونية، وأصبحنا نطالع بحسرة كتابات أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها غير صالحة
للنشر ومساهِمة فيما نحن نرزح فيه من انحطاط، وتنفر هذا القارئ الذي نسعى جميعا لتشجيعه
وتحبيبه في القراءة حتى ننمي هذه الأمة ونصعد بها إلى القمة كما كانت. وهذا لن يتأتى
حتى تقتنع شعوبنا أن القراءة هي طوق نجاتها، وباب النور الوحيد الذي سيخرجها من غياهب
الجهل والتفاهة، فالعلم هو أقوى سلاح للرقي بهذه الأمة.
وفي إصدارنا
الأول، قررناه أن يكون إصدارا مميزا، حيث سنقدم لكم باقة من الأعمال الإبداعية من شعر
وخواطر وقصص قصيرة، ومقالات ثقافية تنصب حول الرأي والنقد الأدبي، قراءات في كتب مختارة،
لقاءات مع شخصيات ثقافية، إضافة إلى أخبار ثقافية ومواضيع من التراث... ذلك أننا نطمح
لجعل هذه المجلة نبراسا يسطع في الساحة الأدبية بمضامين غنية ومتنوعة.
وفي الختام،
نتمنى أن تجدوا بين دفتي سلسلتكم أصداء الفكر ما يشفي غليلكم وما من شأنه أن يحفزكم
على المواظبة على القراءة، وأن يكون لقاؤنا الأول هذا فاتحة للتواصل والتفاعل المستمريْن
في سبيل النهوض بالشأن الثقافي.