المغرب | حسن امحيل
انتشرت التفاهة في عصرنا الحالي بصورة مخيفة لدرجة أصبحت أكثر ما تميزه، وما يخيفنا أكثر أن التافهين أصبحوا قدوة لشباب وناشئة هذا العالم من شرقه إلى غربه، حيث لم يعودوا يميلون إلى التفكير وإعمال العقل، بل صاروا عبيدا للصور والفضائح والفيديوهات التافهة التي لا تعود عليهم بالنفع، وإنما تحطم المعرفة والثقافة والوعي الفكري الفردي والمجتمعي، كما تخدش الذوق العام، وتُستخدم السخرية كأداته الرئيسية المعتمدة لمحاربة كل ما هو جاد وينفع هذه الأمة.
من بين المفكرين الذي تحدث بهلع وحذر من هذه الظاهرة الخطيرة نجد: ألان دونو أستاذ الفكر النقدي في العلوم السياسية في جامعة مونتريال بكندا سنة 2017، ففي مستهل كتابه "نظام التفاهة" قال: "لقد استولى التافهون على السلطة"، وهذا يعني أن التافهين أصبحت لهم سلطة عالية داخل المجتمع في وقتنا الحالي، ويدرون الأرباح الوفيرة، ويتمتعون بالشهرة، كما يلاحظ أن هؤلاء التافهين يدعمون بعضهم البعض ويتَّحدون فيما بينهم لينشؤوا وحدة منسجمة، تتخذ التفاهة شعارا لها.
أطلق ميلان كونديرا على التفاهة اسم "اللا فكر"، حيث أن أصحابها يعانون من غياب العقل والذوق السليم والأخلاق الحضارية حتى يقدموا محتوى غير نافع وسخيف، بل إنهم يسمون الطيب خبيثا والعكس، ويحاربون القيم الإنسانية التي تساهم في تقدم وازدهار المجتمع. وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار التفاهة بشكل سريع، وصار التافهون من خلالها من كل حدب وصَوْب ينسِلون، واستغلوا هذا الوباء على أوسع نطاق استغلالا متقنا من أجل تحصيل عائدات مالية خيالية.
ونحن كمثقفين، يجب علينا أن نتحد جميعا من أجل التحرر من سيطرة التفاهة وننتصر عليها، فهي مسؤوليتنا جميعا دون استثناء، يجب أن نعيد تلك القيمة العالية للعلم والثقافة، فالشطر التافه من المجتمع هو السبب فيما بلغناه من حال. ولهذا وجب علينا محاربة الجهل الذي أدى إلى ظهور التفاهة في بلداننا، وأن نعرض عن اتباع كل ما يزيد من سيطرتها على مجتمعنا وعدم إعطاء أصحابها أدنى أهمية، لنقضي عليهم في مستنقعاتهم الملوثة.
الكاتب: حسن امحيل (المغرب)