ميساء قدوح |
لبنان
ليتني طفلةٌ في الأضحى…
لا يهمّني
شكل العيد، ولا أثقال العالم،
أركض بقدمي
الحافيتين في دروبٍ ترابية،
أعدّ
خرافًا من الغيم،
وأنتظر
"العيدية" بشغفٍ لا تخدشه خيبات،
كنت أظنّ
أن العيد يأتي محمولًا على بسمة جدتي،
وصحن
المعمول،
وسكونٍ لا
يشبه هذا الضجيج الذي نحياه الآن.
كبرتُ…
وأدركتُ أن
العيد ليس موعدًا على التقويم،
بل لحظة
دفء كانت، ثم ذهبت…
صار العيد
غصّةً صغيرة في القلب،
لمن غاب،
ولمن تكسّر
صوته وهو يقول: "كل عام وأنتم بخير"،
وهو لا
يعرف من بقي فعلًا ليُعايده.
أتأرجح اليوم، لا لأرتفع فقط…
بل لأُطفئ
وجعًا قديمًا،
لأُلامس في
الهواء ظلّ يدٍ كانت تُدفع الأرجوحة يومًا،
يد أمي، يد
أبي، يد طفولتي…
وأتساءل:
أين اختبأت تلك الأيام؟
ولماذا
كلما كبرنا، صار العيد أشبه ببطاقةٍ رسمية… دون نكهة؟
ليتني طفلةً في الأضحى…
لأفرح بصوت
التكبير، لا بمظهره،
لأصحو على
رائحة الخبز، لا على إشعارات الهاتف،
لأحتضن
العيد، لا لأُجمّله كي يظهر جميلًا للناس.
هذا العيد…
سأتأرجح
كما كنت،
وأغني
بصوتٍ خافت،
ما قالته
فيروز ذات زمن:
"وبيوتنا
اللي مشرّعة للعيد،
فيها
الألفة كل يوم تزيد،
تنعاد
ومواسم الخير تعيد،
ع بلادنا
بألف غنية…"
لأن العيد
لا يُصنع بالثياب الجديدة، بل بما يبقى من الناس فينا.
لكل من كبر فجأة…
لكل من فقد
شيئًا أو أحدًا…
ولكل من
يحاول أن يصنع بهجةً من فتات الذكرى،
هذا العيد
لكم… كما كنتم، وكما تتمنّون أن تعودوا.