أميرة فهري |
تونس
في مشهد ثقافي مفعم بالأصالة والاعتزاز بالموروث الشعبي، احتضنت ولاية
المنستير التونسية فعاليات مهرجان عميرة المغاربي للتراث والأغنية البدوية أيام
1 و2 ماي 2025، بإشراف جمعية منارة الإبداع التونسية برئاسة السيد فرج منصر،
وتحت إدارة الفنان كمال جاب الله. وقد قامت "أصداء الفكر" الثقافية بتغطية إعلامية شاملة لفعاليات هذا الحدث الاستثنائي، من داخل
كواليس التصوير إلى قلب السهرات الفنية الباذخة، في شخص مراسلتها الصحفية (أميرة فهري)، والتي هي أيضا عضو في لجنة تحكيم المسابقة
المغاربية لملكات جمال اللباس التقليدي.
جاءت هذه الدورة لتستضيفها عدسة البرنامج التلفزيوني
رحلة_نجع
04 الذي
يعدّه ويقدّمه الإعلامي الصحبي فرج، ويبث على قناة الجنوبية التونسية، حيث
كانت التغطية التلفزية بمثابة جسر بين التراث والبث الجماهيري، مساهمةً في تثمين
الهوية الثقافية وتوسيع دائرة الوعي الجماعي بأهمية التراث المغاربي المشترك.
✦ منابر الفن الشعبي وأروقة الجمال التقليدي
تميز المهرجان ببرنامج فني متنوع يزاوج بين العروض الموسيقية البدوية
التي ألهبت حماسة الجمهور، وورش الحرف التقليدية التي نقلت عبق التاريخ من
أيادي الصُنّاع المهرة إلى قلب الحضور. الحرفيون القادمون من تونس وليبيا قدّموا
نماذج حيّة للصناعات اليدوية، فكان الزائر يتنقل بين الأروقة وكأنه يعبر خيوط
الزمن المنسوجة من التراث المتبادل بين الشعوب المغاربية.
ومن أبرز محطات المهرجان، المسابقة المغاربية لاختيار ملكات جمال
اللباس التقليدي، تحت إشراف المنسقة الدولية سميرة نويرة، حيث تنافست
المشاركات على إبراز رونق وأصالة الأزياء التقليدية في تناسق تام مع الجذور
الجغرافية والثقافية التي ينتمين إليها. لقد كان لكل متسابقة حكاية تُروى بخيوط
قماشها، مما أضفى على العرض لمسة فنية وإنسانية فريدة.
وقد أسفرت نتائج المسابقة عن تتويج:
- اللباس الليبي بالمرتبة الأولى
مغاربياً.
- لباس القيروان بالمرتبة الأولى
وطنياً.
- لباس سيدي بوزيد بالمرتبة الثانية.
- اللباس التونسي
التقليدي بالمرتبة الثالثة.
✦ أسماء صنعت الفرح في ليالي عميرة
شارك في إحياء المهرجان نخبة من الفنانين والمبدعين الذين شكّلوا لوحة
فنية جماعية تفيض بهجةً وانسجامًا، نذكر منهم:
خليفة
الدريدي، وحيد الزين، درّة بشير، أميرة همّالي، أسماء سالم، حنان شمّام، حسن
الشيباني، عدنان النّافلة، سامي جبريل، زهرة الصباح، سفيان القابسي، الشاب ناجح
المهدية، محسن العمري، حلمي مطر.
إلى جانب مجموعات الفنون الشعبية التي أبدعت في تقديم عروضها،
منها:
مجموعة
نوفل للفنون الشعبية بالسواسي، مجموعة أولاد العجيلي من ليبيا، مجموعة مسعود
المطماطي، مجموعة البارود بعقارب، فرسان الشوارعية، فرسان سيدي بوعلي، فرسان
السبيخة، فرسان عميرة.
لقد كانت تلك العروض بمثابة احتفال جماعي بالتراث، حيث اختلطت أصوات
الربابة بنبض الأرض، وامتزجت خطوات الفرسان بأهازيج الجدات، فأعاد المهرجان إحياء
ذاكرة المكان والإنسان معاً.
✦ منصة توارث وتثمين للتراث اللامادي
لم يكن مهرجان عميرة مجرد تظاهرة فنية، بل شكّل منصة للتلاقي الثقافي
وتوارث الذاكرة الجماعية، من خلال استحضار عناصر التراث الشفوي واللباس
والحرفة والفروسية، في تناغم يجمع بين الأجيال ويعيد الاعتبار إلى الهوية الثقافية
المغاربية. كما أتاح المهرجان فرصة قيّمة للفنانين والحرفيين والإعلاميين
والمبدعين للقاء والتبادل والتفاعل في فضاء واحد، يُعلي من شأن التراث في زمن
العولمة.
✦ نحو مستقبل يكرّس الذاكرة ويحفظ الأصالة
ما أظهره مهرجان عميرة من تنوع ثقافي وتفاعل جماهيري يُعدّ رسالة قوية
تؤكد أن التراث لا يزال حيّاً نابضاً، وأن الأغنية البدوية واللباس
التقليدي والفن الشعبي ليست مجرد رموز ماضوية، بل هي مكوّنات فعالة في
تشكيل الوجدان الوطني والمغاربي.
وفي الأخير، لا يسعنا إلا أن نثمن جهود كافة القائمين على هذا الحدث، وعلى رأسهم السيد كمال جاب الله، على حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال، ونعبر عن اعتزازنا بالمشاركة في هذه التجربة الإعلامية الميدانية التي ستظل شاهدة على روعة الموروث وجمالية الأصالة في ربوع عميرة.